ترجيح إعادة تشكيل مجلس الأعيان برئاسة المصري

درج الاعيان كل يوم احد على الاجتماع لمناقشة العديد من القضايا الضاغطة, وفي احيان قليلة تتم دعوة وزراء او مسؤولين للمشاركة في المناقشة, او لايضاح بعض المسائل الغامضة.

هذه الجلسات النقاشية التي توصف ب¯الساخنة جدا تعقد عادة في قاعة من قاعات مبنى الاعيان بعيدا عن اعين الاعلام, وأعين المتطفلين, وتبقى فحوى المناقشات ومضامينها سرية, لا يتم تسريبها الى وسائل الاعلام, أو حتى الى خارج جدران مجلس الاعيان.

تلك العادة يمكن تصنيفها ضمنيا في اطار سعي الاعيان الى الاستعداد لمرحلة بدء مجلس الامة اعماله عقب الاعلان رسميا عن نتائج انتخابات مجلس النواب السادس عشر التي ستجرى في التاسع من شهر تشرين ثاني المقبل, فيما ترجح مصادر ان تنطلق اعمال المجلس في دورته العادية الاولى في الاول من شهر كانون الاول المقبل.

ووصفت مصادر تحدثت لهذه الجلسات بانها اشبه بـبروفة لما سيكون عليه المجلس القادم من تحرك, ومن اعادة تشكيل لدوره السياسي والتشريعي والرقابي.

ورجحت ان يعاد تشكيل مجلس الاعيان برئاسة طاهر المصري فور الاعلان رسميا عن الفائزين بانتخابات مجلس النواب السادس عشر.

وقالت المصادر ان عضوية مجلس الاعيان تقلصت في الاونة الاخيرة بسبب استقالة ستة اعيان من عضويته, خمسة منهم بسبب خوضهم الانتخابات النيابية المقبلة, وهم الاعيان د. عبد الله النسور, فيصل الفايز, عيسى الريموني, محمد الذويب, وسميح المومني, بينما استقال السادس وهو العين سميح بينو بسبب تعيينه رئيسا لهيئة مكافحة الفساد.

وبهذه الاستقالات الست فان مجلس الاعيان يحتاج الى تعيين 11 عضوا جديدا منهم ستة اعضاء بدلاء عن الاعيان المستقيلين, وتعيين خمسة اعضاء جدد وفقا لنص المادة 63 من الدستور التي تنص على ان مجلس الاعيان يتالفمن عدد لا يتجاوز نصف اعضاء مجلس النواب بما فيه الرئيس, ليصبح عدده الكلي 60 عضوا بسبب رفع عدد اعضاء مجلس النواب الى 120 عضوا.

هذه التفاصيل تبقى في اطار التناغم التام مع نص الدستور وروحه, الا ان ما يلفت الانتباه ان مجلس الاعيان يرغب في الفترة المقبلة للعب دور غير تقليدي في اطار مهماته الدستورية التشريعية والرقابية, الى جانب رغبته بلعب دور يؤهله لتجاوز الصورة النمطية التي رسمت له طوال السنوات الماضية.

وهذه الرغبة لا تتوقف عند حدود الاطار التشريعي ودور الاعيان كمصحح للاخطاء التشريعية التي يقع مجلس النواب فيها, وانما سيذهب الاعيان في دورتهم الجديدة المقبلة لاستخدام حقهم الدستوري في الرقابة على اعمال الحكومة الى ابعد حد ممكن وفقا للمصادر نفسها.

ورغم ان الاعيان قد تجاوز خلافاته مع الحكومة الحالية التي بدأت عقب انسحاب رئيس الوزراء ووزراء اخرين من تلك الجلسة التي دعا اليها رئيس المجلس طاهر المصري قبل بضعة اشهر مضت بهدف الاستماع لشرح حكومي عن خطط الحكومة المستقبلية, مما اثار هذا الانسحاب موجة استياء عند الاعيان اثرت في حينه على العلاقة بين السلطتين.

وبقيت العلاقة بين الاعيان والحكومة تقف على حد الغضب والاستياء, وتحديدا بين الرئيسينالمصري والرفاعي, ليتعزز هذا الغضب باختلاف وجهات النظر فيما يتعلق بقضية المعلمين, ففي الوقت الذي تمسكت الحكومة فيه بعدم الاستجابة لطلبات المعلمين كان راي مجلس الاعيان ان تذهب الحكومة للمعلمين وتفتح حوارا موسعا معهم.

وقبل ذلك كانت الازمة بين السلطتين تقف هي الأخرى على حافة الخلاف بسبب قانون الانتخابات النيابية المؤقت رقم 9 لسنة ,2010 ففي الوقت الذي كانت الحكومة فيه تدعو للحوار حول قانون الانتخاب فوجىء الاعيان باصدار القانون, وشعروا بالاستياء, الذي وصل الى مسامع رئيس الوزراء, فبادر لدعوة اعيان الى الغداء, وفي نهاية الاجتماع سأل عن رايهم في القانون, وعندها سمع كلاما كثيرا لم يكن بعيدا عن النقد, ولم يستطع الاعيان إخفاء استيائهم من القانون, ومن طريقة اصداره, ومضامينه, قبل ان يقدموا نصائحهم للحكومة بالتريث, او بادخال تعديلات على القانون.

هذه الخلافات في وجهات النظر دعت مجلس الاعيان لغض النظر عن عقد اية اجتماعات مع الحكومة ومع وزراء فيها, ولم يشهد مجلس الاعيان بعدها بعدة اشهر مضت اية لقاءات تتعلق بالتشاور, وعندما التقى الرئيسان لاحقا حاولا تجاوز تلك الازمة, واتفقا على التنسيق المشترك بينهما, الا ان هذا الاتفاق ورغم تطبيقه لاحقا الا انه بقي يسير في حدود علاقة الغضب بين السلطتين, وان كانت حالة التنسيق بينهما الان افضل بكثير مما كان عليه الحال قبل اشهر مضت.

وترى مصادر ان مجلس الاعيان يقوم بدور سياسي يتمثل بحجم الوفود السياسية التي تؤم المجلس, وبالزيارات الخارجية التي ينظمها لاعضائه, كان اخرها الى تركيا.

وكشفت المصادر ان رئيس المجلس طاهر المصري يستعد لترؤس وفد كبير وموسع لزيارة دمشق قبل اجراء الانتخابات النيابية بناء على دعوة رسمية, مرجح ان يلتقي الوفد خلالها الرئيس السوري بشار الاسد.

ومن المرجح ان يدعو مجلس الاعيان مدير الامن العام يوم الثلاثاء المقبل للاجتماع في قاعة المسرح وسيدعى الصحافيون لحضوره للاستماع الى شرح موثق عن عدد من القضايا المحلية, ترى المصادر نفسها انها ستكون جلسة استماع ونقاش ساخنة.

ورغم ان المادة 66 من الدستور بفقرتيها 1 و 2 نصت على ان مجلس الاعيان يجتمع عند اجتماع مجلس النواب وتكون أدوار الانعقاد واحدة للمجلسين, وإذا حل مجلس النواب توقف جلسات مجلس الأعيان, فان مجلس الاعيان نفسه بقي يقوم بدور البديل لمجلس النواب فيما يتعلق بمناقشة العديد من القضايا, وبقي يقوم بدوره كمجلس للملك, وكمجلس للخبرات, الا انه وفقا للدستور لا يستطيع عقد جلسات رسمية للتشريع والرقابة تحت القبة, وهو عين ما رمت اليه المادة 66 من الدستور.

ومن المرجح ان يأخذ مجلس الاعيان المقبل دورا اوسع في اطار اعماله الرقابية على الحكومة, وهو ما بدأت ارهاصاته قبل حل مجلس النواب السابق عندما وجه عدد من الاعيان اسئلة للحكومة السابقة تتعلق بعدد من القضايا المحلية الرقابية, بخلاف ما درج المجلس عليه, واعتبرت تلك الاسئلة في حينه تغيرا في نهج عمل مجلس الاعيان قد يكون له ما بعده