خالد محادين يكتب: وزير يبعث على الطمأنينة وآخر يثير الرعب

شعرت بالطمأنينة بسبب تولي معالي المهندس سعد هايل السرور وزارة الداخلية، بقدر ما شعرت بالرعب من إحتفاظ دولة الأستاذ سمير الرفاعي بحقيبة وزارة الدفاع، فتولي (أبو هايل) منصبه الجديد يبعث الأمل في أن تتوقف الوزارة عن مطاردة نصف الأردنيين في هوياتهم وجوازات سفرهم وأرقامهم الوطنية ومواطنتهم التي تشرفوا بحملها والإنتساب إليها ولم يعد من حق أية جهة رسمية أو أي مسؤول مؤقت أن يتربصا بنصف الشعب الأردني تحت تفسير خاطىء بأن خطاب فك الإرتباط القانوني والإداري يوجب هذا العمل اللاوطني ضد ملايين الأردنيين الذين دخلنا معا في ورشة بناء الأردن والإعتزاز به والدفاع عنه في كل مجال وكل زاوية منه .



ومصدر هذه الطمأنينة أن معالي المهندس السرور مستهدف من قبل الإقليمية والإقليميين بإعتباره نال جنسية الوطن في آواخر الخمسينات وليس آواخر الأربعينات كما هو الأمر بالنسبة للأردنيين المتحدرين من أصل فلسطيني، فهذه وحدها كافية لإشعاره بأن من يتغدى على إبن عمه سوف يتعشى على إبن أخيه!!



كما أن سياسات وزارة الداخلية خلال السنوات القليلة الآخيرة لم تحمل لبلدنا وحكوماتنا ولنا كمواطنين أردنيين سوى سواد الوجه وإتهامات العنصرية البغيضة.



أما ما يتعلق بإصرار دولة رئيس الوزراء سمير الرفاعي على الإحتفاظ بحقيبة وزارة الدفاع فيحمل مؤشرات خطيرة تتعلق يتعلقنا بالسلام وحرصنا على معاهدة وادي عربة وهما أمران يعنيان أن العدو الصهيوني لم يعد عدوا وأن كل ما فات مات وأن وجود وزارة للدفاع أو وزارة للهجوم قد يشكك بنوايانا المستقبلية المتعلقة بإسترداد كامل التراب الفلسطيني أو على الأقل الضفة الغربية التي أغتصبت منا ونتحمل مسؤولية إستعادتها وفي المقدمة منها القدس الشريف.



لا أريد أن أشكك في نوايا دولة الرئيس سمير الرفاعي السلمية، فالرجل لم يمارس أي عمل عسكري في حياته، وربما لم يمتلك عبر سنوات عمره مسدس صوت أو بندقية ماء كما أنه وحيد والديه لهذا لم يؤد خدمة العلم مثل أي شاب أردني لا يكون وحيد والديه، وهو مهووس بالأفلام الخرافية التي لا يطلق فيها رصاص ولا تفجر منازل، ولا يحتمل أن يرى بعينيه نقطة دم ساخنة تسيل من رقبة خروف أو عنق دجاجة، وألوانه المفضلة هي الأزرق والأخضر وربما العسلي، لهذا فإن توليه حقيبة وزارة الدفاع – وإن كانت غير موجودة ولا مبنى أو أوراق لها – لكن مجرد إدراجها في قائمة الوزراء والوزارات يثير الرعب في إمكانية العودة من معسكر الإعتدال إلى معسكر الممانعة، ورفع شعار ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة وأن الطريق إلى حيفا ويافا وصفد والناصرة لا يمكن عبوره إلا بالطائرات المقاتلة والدبابات المهاجمة وفرق وألوية وكتائب الجهاد المقدس، إذ أحيانا يغري وضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب بالخروج عن المألوف فيما يتعلق بالحرب والسلام!!



أعرف ويعرف الكثيرون أو الجميع أن دولة الرئيس سمير الرفاعي لم يتشرف يوما بإرتداء الكوفية الحمراء ولا يعرف جملة واحدة من أغنية (ربع الكفافي الحمر والعقل الميالة) وأنه لم يلبس الفوتيك والبسطار العسكري ولو لإلتقاط صورة له، كما لم يدخل يوما خندقا أو خيمة مما يقيم فيهما النشامى، ولم يذهب إلى نافي الجيش لشراء الصابون والدخان وعلب السردين والحمص، وربما لم يذق في حياته شوربة العسكر أو يسهر مع جنود يشدون على بنادقهم كما يشد الآباء والأمهات على أطفالهم.



من المستحيل أن يكون قد ذهب مرة إلى سوق نيكسون لشراء ملابس العيد أو إلى الدكان المجاور لبيته ليشتري الفيصلية وتوفي ناشد، فهو من طبقة أردنية قليلة العدد وكبيرة الثروة وواسعة النفوذ ليست مكلفة بإنجاز أي عمل عسكري للدفاع عن الوطن أو لشن هجوم على العدو، لهذا لا يكون من أبناء هذه الطبقة شهداء أو جرحى أو غاضبون، لكن هذا كله لا يمنع إحتمال أن يأخذنا دولة الرئيس سمير الرفاعي إلى جبهات القتال من موقعه كوزير دفاع في بلد يواجه عدوا لئيما وتوسعيا رغم بصماتنا على معاهدة وادي عربة وأختامنا الموضوعة على كل صفحاتها، فالنفس أمارة بالسوء والتاريخ مملؤ بنماذج أبرزهم ماوتسي تونغ الذي فجر وقاد الثورة الصينية رغم أن والده كان زنقيلا ونهابا وصاحب ثروة لا يأكلها فساد أو تأني عليها نار فقراء! ودعاء لله أن يحفظ بلدنا من كل المغامرين بحاضره ومستقبله، وأسأله أن يبقي المعتدل معتدلا والممانع ممانعا، وألا يتحول اليمينون فيه إلى اليسار والحمائم إلى صقور، والأرانب إلى سباع والسيارات الفارهة إلى دبابات ومدرعات، حتى يقضي أمرا كان مفعولا إنك سميع مجيب الدعاء
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]