Hayat Irbid Forum

منتدى حياة إربد يرحب بكم

و يا 100 مليون مرحبا

سارع الآن وسجل معنا وتمتع بخدماتنا

* إذا لم تصل رسالة التفعيل إلى البريد الإلكتروني ستقوم الإدارة خلال 24 ساعة بتفعيل الإشتراك *

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

Hayat Irbid Forum

منتدى حياة إربد يرحب بكم

و يا 100 مليون مرحبا

سارع الآن وسجل معنا وتمتع بخدماتنا

* إذا لم تصل رسالة التفعيل إلى البريد الإلكتروني ستقوم الإدارة خلال 24 ساعة بتفعيل الإشتراك *

Hayat Irbid Forum

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Hayat Irbid Forum

أحلى تجمع عربي على النت

 

دخول

لقد نسيت كلمة السر

تصويت

هل تحتفل بعيد الام
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع I_vote_rcap53%ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع I_vote_lcap 53% [ 8 ]
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع I_vote_rcap47%ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع I_vote_lcap 47% [ 7 ]

مجموع عدد الأصوات : 15

المواضيع الأخيرة

» سجل حضورك اليومي ب ( لا اله الا الله )
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty25/4/2023, 2:48 am من طرف HACK

» نقدم لكم اقفال ابواب عصرية وغريبة!
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty24/9/2015, 11:53 pm من طرف HACK

» البتراء
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty19/3/2015, 7:43 pm من طرف الغــــريب

» سحر غروب الشمس في صحراء الجزائر وسحر الجزائر
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty28/6/2014, 5:49 pm من طرف الغــــريب

» الأردن اولا وستبقى اولاٌ
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty28/6/2014, 5:43 pm من طرف الغــــريب

» أجمل 30 جملة قالوها عن الحب
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty13/5/2014, 9:49 am من طرف حسين العنوز

» برنامج لتسريع التحميل 4 اضعاف
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty8/3/2014, 5:08 pm من طرف honawael1

» زد حسناتك واقرأ هذا الدعاء
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty14/1/2014, 9:07 pm من طرف PRINC

» اجمل الصفات (رووووووووووووووووووووعة لكل الاجيال)
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty14/1/2014, 9:02 pm من طرف PRINC

» هل تعلمون؟ القاء تفاحة في القمامة يعني القاء 70 ليترا من المياه!
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty14/1/2014, 8:59 pm من طرف PRINC

» أحــبـبــتـكِ عـــمــراً ,,,
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty27/11/2013, 2:01 pm من طرف عقله ابو قنوه

» عضو جديد
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty27/11/2013, 1:11 pm من طرف عقله ابو قنوه

» اسئلة للشباب والبنات فهل تتحدى نفسك للاجابة عليها ؟
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty25/6/2013, 1:02 pm من طرف HACK

» أنا عضوة جديدة هل من مرحب بي معكم
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty14/1/2013, 1:54 pm من طرف csandra

» شرطي مرور...احمققققققققق
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty4/8/2012, 9:15 pm من طرف دلع

» الشباب لما يدخلو ع الجامعة
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty28/6/2012, 4:34 am من طرف ابو سدين

» عدت بعد غياب فهل لي مكان بينكم
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty28/6/2012, 4:30 am من طرف ابو سدين

» الدمج
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty28/6/2012, 4:21 am من طرف ابو سدين

» التعارف
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty28/6/2012, 4:18 am من طرف ابو سدين

» ضع علامه ( √ ) او (×) امام العبارات التاليه معَ تصحيح الخطأ :
ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty3/4/2012, 11:40 am من طرف نور الجنة

حكومة منتدى حياة اربد

New Page 1                                                                                                      
المحامية"
                    المدير العام
                   KING 101
                 نائب المدير العام
                      LORD
               المشرف العام
                 ابوسدين
                 قيصر الاحزان
                المشرفون
             
         
           
                  
               
 
 
 
New Page 1
          مختار المنتدى
                          قريبا
             وسام العضو المتميز
                          قريبا
     وسام صاحب المواضيع المتميزه
                          قريبا
        وسام صاحب الردود المتميزه
                          قريبا
               وســام نجم المنتدى
                          قريبا

اكثر 10 اعضاء فاتحي المواضيع في المنتدى

New Page 1

New Page 1

ابراهيم الحجوج

     LORD      

 حسين العنوز    

  ابو جانتي      

PRINC    

   قيصر الاحزان   

   hani     

  RABE3    

  الاسطوره    

   وسام الحب 1986   

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

New Page 1

                                                                                                                                   

 

New Page 1
 

 قريبا  

  قريبا  

  قريبا  

  قريبا  

  قريبا  

   قريبا

   قريبا 

  قريبا  

  قريبا  

     قريبا    

وسام التميز الذهبي

  قريبا

وسام التميز الفضي

    قريبا

وسام التميز البرونزي

   قريبا

برامج مهمة لجهازك

 

 

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

.: عدد زوار المنتدى :.

Hayat Irbid Visitors

ارسال الهدايا

      New Page 1New Page 1New Page 1New Page 1
المرسل  الهدية المرسل اليه
    ا
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
    ا

2 مشترك

    ذاكرة الجسد ( الفصل الاول ) تابع

    souad
    souad
    15
    15


    رصيد الالماس رصيد الالماس : 1300
    انثى الثور عدد المساهمات : 1728
    احترام القوانين : ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Untitl42
    بلدك : الجزائر
    المدينة : aso
    سيارتي : bmw
    الهوايه : ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Travel10

    ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty ذاكرة الجسد ( الفصل الاول ) تابع

    مُساهمة من طرف souad 28/9/2010, 1:51 pm

    ففي النهاية, ليست الروايات سوى رسائل وبطاقات, نكتبها خارج المناسبات المعلنة.. لنعلن نشرتنا النفسية, لمن يهمهم أمرنا .

    ولذا أجملها, تلك التي تبدأ بجمله لم يتوقعها من عايش طقسنا وطقوسنا. وربما كان يوما سببا في كل تقلباتنا الجوية .

    تتزاحم الجمل في ذهني . كل تلك التي لم تتوقعيها .

    وتمطر الذاكرة فجأة ..

    فأبتلع قهوتي على عجل. وأشرع نافذتي لأهرب منك إلى السماء الخريفية.. إلى الشجر والجسور والمارة.

    إلى مدينة أصبحت مدينتي مرة أخرى . بعدما أخذت لي موعدا معها لسبب آخر هذه المرة .

    ها هي ذي قسنطينة.. وها هو كل شيء أنت .

    وها أنت تدخلين إليّ, من النافذة نفسها التي سبق أن دخلت منها منذ سنوات. مع صوت المآذن نفسه, وصوت الباعة, وخطى النساء الملتحفات بالسواد, والأغاني القادمة من مذياع لا يتعب ...

    "يا التفاحة .. يا التفاحة ... خبريني وعلاش الناس والعة بيك ..".

    تستوقفني هذه الأغنية بسذاجتها .

    تضعني وجهاً لوجه مع الوطن . تذكرني دون مجال للشك بأنني في مدينه عربيه فتبدو السنوات التي قضيتها في باريس حلماً خرافياً .

    هل التغزل بالفواكه ظاهره عربية؟ أم وحده التفاح الذي ما زال يحمل نكهة خطيئتنا الأولى, شهيّ لحدّّ التغنّي به، في أكثر من بلد عربي .

    وماذا لو كنت تفاحه؟

    لا لم تكوني تفاحه .

    كنت المرأة التي أغرتني بأكل التفاح لا أكثر. كنت تمارسين معي فطرياً لعبة حواء . ولم يكن بإمكاني أن أتنكر لأكثر من رجل يسكنني, لأكون معك أنت بالذات في حماقة آدم !

    -أهلا سي خالد..واش راك اليوم ..؟

    يسلّم عليّ الجار, تسلّقت نظراته طوابق حزني. وفاجأه وقوفي الصباحي, خلف شرفة للذهول .

    أتابع في نظرة غائبة, خطواته المتجهة نحو المسجد المجاور . وما يليها من خطوات, لمارة آخرين, بعضها كسلى, وأخرى عجلى, متجهة جميعها نحو المكان نفسه .

    الوطن كله ذاهب للصلاة .

    والمذياع يمجد أكل التفاحة .

    وأكثر من جهاز هوائي على السطوح, يقف مقابلا المآذن يرصد القنوات الأجنبية، التي تقدم لك كل ليله على شاشة تلفزيونك, أكثر من طريقه _عصريه_ لأكل التفاح !

    أكتفي بابتلاع ريقي فقط .

    في الواقع لم أكن أحب الفواكه. ولا كان أمر التفاح يعنيني بالتحديد .

    كنت أحبك أنت. وما ذنبي إن جاءني حبك في شكل خطيئة؟

    كيف أنت.. يسألني جار ويمضي للصلاة .

    فيجيب لساني بكلمات مقتضبة، ويمضي في السؤال عنك .

    كيف أنا؟

    أنا ما فعلته بي سيدتي.. فكيف أنتِ ؟

    يا امرأة كساها حنيني جنوناً، وإذا بها تأخذ تدريجيا , ملامح مدينه وتضاريس وطن .

    وإذا بي اسكنها في غفلة من الزمن, وكأنني اسكن غرف ذاكرتي المغلقة من سنين .

    كيف حالك؟

    يا شجرة توت تلبس الحداد وراثيا كل موسم .

    يا قسنطينية الأثواب ....

    يا قسنطينية الحب ... والأفراح والأحزان والأحباب .. أجيبي أين تكونين الآن؟ .

    ها هي ذي قسنطينه ...

    باردة الأطراف والأقدام. محمومة الشفاه, مجنونة الأطوار .

    ها هي ذي .. كم تشبهينها اليوم أيضا ... لو تدرين !

    دعيني أغلق النافذة!.

    كان مارسيل بانيول يقول:

    "تعوّد على اعتبار الأشياء العادية .. أشياء يمكن أن تحدث أيضاً " .

    أليس الموت في النهاية شيئا عاديا. تماما كالميلاد, والحب, والزاج, والمرض, والشيخوخة, والغربة والجنون, وأشياء أخرى ؟

    فما أطول قائمة الأشياء العادية التي نتوقعها فوق العادة, حتى تحدث. والتي نعتقد أنها لا تحدث سوى للآخرين, وأن الحياة لسبب أو لآخر ستوفر علينا كثيرا منها, حتى نجد أنفسنا يوما أمامها .

    عندما ابحث في حياتي اليوم, أجد أن لقائي بك هو الشيء الوحيد الخارق للعادة حقاً. الشيء الوحيد الذي لم أكن لأتنبأ به، أو أتوقع عواقبه عليّ. لأنَّني كنت اجهل وقتها أن الأشياء غير العادية, قد تجر معها أيضا كثيرا من الأشياء العادية .

    ورغم ذلك ....

    ما زلت أتساءل بعد كل هذه السنوات, أين أضع حبك اليوم ؟

    أفي خانة الأشياء العادية التي قد تحدث لنا يوما كأية وعكه صحية أو زلة قدم.. أو نوبة جنون؟

    أم .. أضعه حيث بدأ يوماً؟

    كشيء خارق للعادة, كهدية من كوكب, لم يتوقع وجوده الفلكيون. أو زلزال لم تتنبأ به أية أجهزة للهزات الأرضية .

    أكنتِ زلة قدم .. أم زلة قدر ؟.

    أقلّب جريدة الصباح بحثا عن أجوبة مقنعه لحدث "عادي" غيّر مسار حياتي وجاء بي إلى هنا .

    أتصفح تعاستنا بعد كل هذه الأعوام , فيعلق الوطن حبراً أسود بيدي .

    هناك صحف يجب أن تغسل يديك إن تصفحتها وإن كان ليس للسبب نفسه في كل مرة. فهنالك واحده تترك حبرها عليك .. وأخرى أكثر تألقا تنقل عفونتها إليك .

    ألأنّ الجرائد تشبه دائما أصحابها, تبدو لي جرائدنا وكأنها تستيقظ كل يوم مثلنا, بملامح متعبه وبوجه غير صباحي غسلته على عجل، ونزلت به إلى الشارع. هكذا دون أن تكلف نفسها مشقة تصفيف شعرها, أو وضع ربطة عنق مناسبة.. أو إغرائنا بابتسامة .

    25 أكتوبر 1988 .

    عناوين كبرى.. كثير من الحبر الأسود. كثير من الدم. وقليل من الحياء .

    هناك جرائد تبيعك نفس صور الصفحة الأولى.. ببدلة جديدة كل مره .

    هنالك جرائد.. تبيعك نفس الأكاذيب بطريقة أقل ذكاء كل مرّة ....

    وهنالك أخرى، تبيعك تذكرة للهروب من الوطن.. لا غير .

    وما دام ذلك لم يعد ممكنا, فلأغلق الجريدة إذن.. ولأذهب لغسل يدي .

    آخر مره استوقفتني فيها صحيفة جزائرية, كان ذلك منذ شهرين تقريبا. عندما كنت أتصفح عن طريق المصادفة, وإذا بصورتك تفاجئني على نصف صفحه بأكملها, مرفقه بحوار صحافي بمناسبة صدور كتاب جديد لك .

    يومها تسمَََََّر نظري أمام ذلك الإطار الذي كان يحتويك. وعبثا رحت أفكّ رموز كلامك . كنت أقرأك مرتبكاً، متلعثماً, على عجل. وكأنني أنا الذي كنت أتحدث إليك عني, ولست أنت التي كنت تتحدثين للآخرين, عن قصة ربما لم تكن قصتنا .

    أي موعد عجيب كان موعدنا ذلك اليوم! كيف لم أتوقع بعد تلك السنوات أن تحجزي لي موعدا على ورق بين صفحتين, في مجلة لا اقرأها عادة .

    إنّه قانون الحماقات، أليس كذلك؟ أن أشتري مصادفة مجلة لم أتعوّد شراءها، فقط لأقلب حياتي رأساً على عقبّ

    وأين العجب؟

    ألم تكوني امرأة من ورق. تحب وتكره على ورق. وتهجر وتعود على ورق. وتقتل وتحيي بجرّة قلم.

    فكيف لا أرتبك وأنا أقرأك. وكيف لا تعود تلك الرعشة المكهربة لتسري في جسدي، وتزيد من خفقان قلبي، وكأنني كنت أمامك، ولست أمام صورة لك.

    تساءلت كثيراً بعدها، وأنا أعود بين الحين والآخر لتلك الصورة، كيف عدتِ هكذا لتتربصي بي، أنا الذي تحاشيت كل الطرق المؤدية إليك؟

    كيف عدت.. بعدما كاد الجرح أن يلتئم. وكاد القلب المؤثث بذكراك أن يفرغ منك شيئاً فشيئاً وأنت تجمعين حقائب الحبّ، وتمضين فجأة لتسكني قلباً آخر.

    غادرت قلبي إذن..

    كما يغادر سائح مدينة جاءها في زيارة سياحية منظمة. كلّ شيء موقوت فيها مسبقاً، حتى ساعة الرحيل، ومحجوز فيها مسبقاً، حتى المعالم السياحية التي سيزورها، واسم المسرحية التي سيشاهدها، وعنوان المحلات التي سيشتري منها هدايا للذكرى.

    فهل كانت رحلتك مضجرة إلى هذا الحد؟

    ها أنا أمام نسخة منك، مدهوش مرتبك، وكأنني أمامك.

    تفاجئني تسريحتك الجديدة. شعرك القصير الذي كان شالاً يلف وحشة ليلي.. ماذا تراك فعلت به؟

    أتوقف طويلاً عند عينيك. أبحث فيهما عن ذكرى هزيمتي الأولى أمامك.

    ذات يوم.. لم يكن أجمل من عينيك سوى عينيك. فما أشقاني وما أسعدني بهما!

    هل تغيرت عيناك أيضاً.. أم أن نظرتي هي التي تغيرت؟ أواصل البحث في وجهك عن بصمات جنوني السابق. أكاد لا أعرف شفاهك ولا ابتسامتك وحمرتك الجديدة.

    كيف حدث يوماً.. أن وجدت فيك شبهاً بأمي. كيف تصورتك تلبسين ثوبها العنابي، وتعجنين بهذه الأيدي ذات الأظافر المطلية الطويلة، تلك الكسرة التي افتقدت مذاقها منذ سنين؟

    أيّ جنون كان لك.. وأية حماقة!

    هل غيّر الزواج حقاً ملامحك وضحكتك الطفولية، هل غيّر ذاكرتك أيضاً، ومذاق شفاهك وسمرتك الغجرية؟

    وهل أنساك ذلك "النبي المفلس" الذي سرقوا منه الوصايا العشر وهو في طريقه إليك.. فجاءك بالوصية الحادية عشرة فقط.

    ها أنت ذي أمامي، تلبسين ثوب الردّة. لقد اخترت طريقاً آخر. ولبست وجهاً آخر لم أعد أعرفه. وجهاً كذلك الذي نصادفه في المجلات والإعلانات، لتلك النساء الواجهة، المعدات مسبقاً لبيع شيء ما، قد يكون معجون أسنان، أو مرهماً ضد التجاعيد.

    أم تراك لبست هذا القناع، فقط لتروّجي لبضاعة في شكل كتاب، أسميتها "منعطف النسيان" بضاعة قد تكون قصتي معك.. وذاكرة جرحي؟

    وقد تكون آخر طريقه وجدتها لقتلي اليوم من جديد, دون أن تتركي بصماتك على عنقي .

    يومها تذكرت حديثاً قديماً لنا . عندما سألتك مرة لماذا اخترتِ الرواية بالذات. وإذا بجوابك يدهشني .

    قلت يومها بابتسامة لم أدرك نسبة الصدق فيها من نسبة التحايل:

    " كان لا بد أن أضع شيئا من الترتيب داخلي.. وأتخلص من بعض الأثاث القديم . إنَّ أعماقنا أيضا في حاجة إلى نفض كأيّ بيت نسكنه ولا يمكن أن أبقي نوافذي مغلقه هكذا على أكثر من جثة ..

    إننا نكتب الروايات لنقتل الأبطال لا غير, وننتهي من الأشخاص الذين أصبح وجودهم عبئاً على حياتنا. فكلما كتبنا عنهم فرغنا منهم... وامتلأنا بهواء نظيف ..." .

    وأضفت بعد شيء من الصمت:

    " في الحقيقة كل رواية ناجحة, هي جريمة ما نرتكبها تجاه ذاكرة ما. وربما تجاه شخص ما, على مرأى من الجميع بكاتم صوت. ووحده يدري أنَّ تلك الكلمة الرصاصة كانت موجّهة إليه

    والروايات الفاشلة, ليست سوى جرائم فاشلة, لا بد أن تسحب من أصحابها رخصة حمل القلم, بحجة أنهم لا يحسنون استعمال الكلمات, وقد يقتلون خطأ بها أيّ احد .. بمن في ذلك أنفسهم , بعدما يكونون قد قتلوا القراء ... ضجراً !".

    كيف لم تثر نزعتك الساديّة شكوكي يومها .. وكيف لم أتوقع كل جرائمك التي تلت ذلك اليوم, والتي جربت فيها أسلحتك الأخرى؟

    لم أكن أتوقع يومها انك قد توجهين يوما رصاصك نحوي .

    ولذا ضحكت لكلامك, وربما بدأ يومها انبهاري الآخر بك. فنحن لا نقاوم, في هذه الحالات , جنون الإعجاب بقاتلنا !

    ورغم ذلك أبديت لك دهشتي . قلت :

    _ كنت اعتقد أن الرواية طريقه الكاتب في أن يعيش مرة ثانيه قصه أحبها.. وطريقته في منح الخلود لمن أحب .

    وكأنّ كلامي فاجأك فقلت وكأنك تكتشفين شيئا لم تحسبي له حسابا:

    - وربما كان صحيحا أيضا, فنحن في النهاية لا نقتل سوى من أحببنا. ونمنحهم تعويضا عن ذلك خلودا أدبيا . إنها صفقه عادلة . أليس كذلك؟!

    عادله ؟

    من يناقش الطغاة في عدلهم أو ظلمهم؟ ومن يناقش نيرون يوم احرق روما حباً لها, وعشقاً لشهوة اللهب . وأنت, أما كنت مثله امرأة تحترف العشق والحرائق بالتساوي؟

    أكنت لحظتها تتنبّأين بنهايتي القريبة، وتواسينني مسبقا على فجيعتي...

    أم كنت تتلاعبين بالكلمات كعادتك, و وتتفرجين على وقعها عليّ, وتسعدين سرّاً باندهاشي الدائم أمامك, وانبهاري بقدرتك المذهلة, في خلق لغة على قياس تناقضك .

    كل الاحتمالات كانت ممكنه ...

    فربما كنت أنا ضحية روايتك هذه, والجثة التي حكمت عليها بالخلود, وقررت أن تحنطيها بالكلمات... كالعادة.

    و ربما كنت ضحية وهمي فقط, ومراوغتك التي تشبه الصدق. فوحدك تعرفين في النهاية الجواب على كل تلك الأسئلة التي ظلت تطاردني, بعناد الذي يبحث عن الحقيقة دون جدوى .

    متى كتبتِ ذلك الكتاب؟

    أقبل زواجك أم بعده؟ أقبل رحيل زياد .. أم بعده؟ أكتبته عني .. أم كتبته عنه؟ أكتبته لتقتليني به.. أم لتحييه هو ؟

    لم لتنتهي منّا معاً، وتقتلينا معاً بكتاب واحد... كما تركتنا معاً من أجل رجل واحد ؟

    عندما قرأت ذلك الخبر منذ شهرين,. لم أتوقع إطلاقاًً أن تعودي فجأة بذلك الحضور الملحِّ, ليصبح كتابك محور تفكيري, ودائرة مغلقه أدور فيها وحدي .

    فلا كان ممكنا يومها بعد كل الذي حدث, أن اذهب للبحث عنه في المكتبات , لأشتري قصتي من بائع مقابل ورقه نقدية. ولا كان ممكنا أيضا أن أتجاهله وأواصل حياتي وكأنني لم اسمع به , وكأن أمره لا يعنيني تماما .

    الم أكن متحرقا إلى قراءة بقية القصة؟

    قصتك التي انتهت في غفلة مني , دون أن أعرف فصولها الأخيرة. تلك التي كنت شاهدها الغائب, بعدما كنت شاهدها الأول. أنا الذي كنت,. حسب قانون الحماقات نفسه. الشاهد والشهيد دائما في قصة لم يكن فيها من مكان سوى لبطل واحد .

    ها هوذا كتابك أمامي.. لم يعد بإمكاني اليوم أن أقرأه. فتركته هنا على طاولتي مغلقا كلغز, يتربص بي كقنبلة موقوتة, أستعين بحضوره الصامت لتفجير منجم الكلمات داخلي ... واستفزاز الذاكرة .

    كل شيء فيه يستفزني اليوم .. عنوانه الذي اخترته بمراوغه واضحة.. وابتسامتك التي تتجاهل حزني . ونظرتك المحايدة التي تعاملني وكأنني قارىء, لا يعرف الكثير عنك .

    كل شيء.. حتى اسمك .

    وربما كان اسمك الأكثر استفزازا لي, فهو مازال يقفز إلى الذاكرة قبل أن تقفز حروفه المميزة إلى العين .

    اسمك الذي .. لا يُقرأ وإنما يُسمع كموسيقى تُعزف على آلة واحدة من أجل مستمع واحد.

    كيف لي أن أقرأه بحياد, وهو فصل من قصة مدهشه كتبتها الصدفة, وكتبها قدرنا الذي تقاطع يوما؟

    يقول تعليق على ظهر كتابك إنه حدث أدبي .

    وأقول وأنا أضع عليه حزمة من الأوراق التي سودتها في لحظة هذيان..

    " حان لك أن تكتب.. أو تصمت إلى الأبد أيها الرجل . فما أعجب ما يحدث هذه الأيام !"

    وفجأة.. يحسم البرد الموقف, ويزحف ليل قسنطينة نحوي من نافذة للوحشة. فأعيد للقلم غطاءه, وانزلق بدوري تحت غطاء الوحدة .

    مذ أدركت أن لكل مدينةٍ الليل الذي تستحق, الليل الذي يشبهها والذي وحده يفضحها, ويعري في العتمة ما تخفيه في النهار, قررت أن أتحاشى النظر ليلا من هذه النافذة .

    كل المدن تمارس التعري ليلا دون علمها, وتفضح للغرباء أسرارها , حتى عندما لا تقول شيئا .

    وحتى عندما توصد أبوابها.

    ولأن المدن كالنساء, يحدث لبعضهن أن يجعلننا نستعجل قدوم الصباح. ولكن ...

    "soirs, soirs.que de soirs pour un seul matin .."

    كيف تذكرت هذا البيت للشاعر "هنري ميشو" ورحت اردده على نفسي بأكثر من لغة ..

    "أمسيات .. أمسيات كم من مساء لصباح واحد "

    كيف تذكرته, ومتى تراني حفظته؟ .. تراني كنت أتوقع منذ سنين أمسيات بائسة كهذه, لن يكون لها سوى صباح واحد ؟

    أنقب بعض الشيء في ذاكرتي عن القصيدة التي اخذ منها هذا البيت, وإذا بعنوانها "الشيخوخة" ..

    فيخيفني اكتشافي فجأة وكأنني أكتشف معه ملامح وجهي الجديدة. فهل تزحف الشيخوخة هكذا نحونا حقاً بليل طويل واحد. وبعتمة داخليه تجعلنا نتمهل في كل شيء, ونسير ببطء, دون اتجاه محدد؟

    أيكون الملل والضياع والرتابة جزءا من مواصفات الشيخوخة أم من مواصفات هذه المدينة ؟

    تراني أنا الذي ادخل الشخوخة.. أم ترى الوطن بأكمله هو الذي يدخل اليوم سن اليأس الجماعي؟

    أليس هو الذي يملك هذه القدرة الخارقة, على جعلنا نكبر ونهرم في بضعة اشهر, وأحيانا في بضعة أسابيع فقط ؟

    قبل اليوم لم أكن اشعر بثقل السنين, كان حبّك شبابي, وكان مرسمي طاقتي الشمسية التي لا تنضب, وكانت باريس مدينه أنيقة, يخجل الواحد أن يهمل مظهره في حضرتها . ولكنهم طاردوني حتى مربع غربتي, وأطفأوا شعلة جنوني ... وجاؤوا بي حتى هنا .

    الآن نحن نقف جميعا على بركان الوطن الذي ينفجر , ولم يعد في وسعنا , إلا أن نتوحد مع الجمر المتطاير من فوهته, وننسى نارنا الصغيرة... اليوم لا شيء يستحق كل تلك الأناقة واللياقة. الوطن نفسه أصبح لا يخجل أن يبدو أمامنا في وضع غير لائق !

    لا أصعب من أن تبدأ الكتابة, في العمر الذي يكون فيه الآخرون قد انتهوا من قول كل شيء.

    الكتابة ما بعد الخمسين لأول مرة ... شيء شهواني وجنوني شبيه بعودة المراهقة.

    شيء مثير وأحمق , شبيه بعلاقة حب بين رجل في سن اليأس, وريشة حبر بكر .

    الأول مرتبك وعلى عجل... والثانية عذراء لا يرويها حبر العالم !

    سأعتبر إذن ما كتبته حتى الآن, مجرد استعداد للكتابة فقط, وفائض شهوة ... لهذه الأوراق التي حملت منذ سنين بملئها .

    ربما غدا ابدأ الكتابة حقا .

    أحب دائما أن ترتبط الأشياء الهامة في حياتي بتاريخ ما .... يكون غمزة لذاكره أخرى .

    أغرتني هذه الفكرة من جديد, وأنا استمع إلى الأخبار هذا المساء واكتشف، أنا الذي فقدت علاقتي بالزمن, أن غدا سيكون أول نوفمبر ... فهل يمكن لي ألا أختار تاريخا كهذا, لأبدأ به هذا الكتاب ؟

    غدا ستكون قد مرت 34 سنه على انطلاق الرصاصة الأولى لحرب التحرير, ويكون قد مر على وجودي هنا ثلاثة أسابيع, ومثل ذلك من الزمن على سقوط آخر دفعه من الشهداء ...

    كان احدهم ذلك الذي حضرت لأشيّعه بنفسي وادفنه هنا.

    بين أول رصاصه , وآخر رصاصه, تغيرت الصدور, تغيرت الأهداف .. وتغير الوطن .

    ولذا سيكون الغد يوما للحزن مدفوع الأجر مسبقا .

    لن يكون هناك من استعراض عسكري, ولا من استقبالات, ولا من تبادل تهاني رسميه ....

    سيكتفون بتبادل التهم ... ونكتفي بزيارة المقابر .

    غدا لن ازور ذلك القبر . لا أريد أن أتقاسم حزني مع الوطن.

    أفضل تواطؤ الورق, وكبرياء صمته .
    حسين العنوز
    حسين العنوز
    24
    24


    رصيد الالماس رصيد الالماس : 1
    ذكر الميزان عدد المساهمات : 8034
    احترام القوانين : ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Untitl42
    بلدك : الأردن
    المدينة : اربد
    سيارتي : kia
    الهوايه : ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Writin10

    ذاكرة الجسد ( الفصل الاول )  تابع Empty رد: ذاكرة الجسد ( الفصل الاول ) تابع

    مُساهمة من طرف حسين العنوز 28/9/2010, 1:53 pm

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

      الوقت/التاريخ الآن هو 15/11/2024, 4:10 am