الرياح الخماسينية تعصف بالحقول الذهبية

- انتظرت المزارعة نهاد الزبون طيلة أشهر سابقة حتى يحين موسم الحصاد، فتقف أمام دونمات أرض نثرت فيها بذار القمح والشعير لتجدها وقد تحولت الى حقول ذهبية.

فرحتها لم تكتمل فاللفحات الخماسينية التي هبت على المحصول أعطبته وأرجأت فرحتها بالكنز المدفون الى الموسم المقبل.

الزبون أعطت الأرض "لآخر رمق" على حد تعبيرها، فلحتها وبذرتها ورعت دونماتها الحبلى بالبذار الحقلية، وكلها أمل في أن تحصد ما زرعته لكن "الرياح الخماسينية" خيبت آمالها، ما اضطرها الى بيع الدونمات المزروعة كمراع لمربي المواشي.

تقول الزبون التي زرعت قرابة الـ 400 دونم في المناطق الشرقية من النعيمة بالمحاصيل الحقلية إن ما جنته من أرباح بعد بيعها لأراض كمراع أعاد إليها رأس المال، إلا أنها كانت تترقب أن تشتغل الحصادات وتعود الى منزلها محملة بأكياس تملأها حبوب ذهبية اللون.

وتضيف أن المحصول لم يكتمل نموه في مناطق كبر ودومنة الواقعة شرق النعيمة ما دفع بأصحاب الأراضي الذين زرعوا دونماتهم بالبذار الحقلية الى بيعها كمراع، مشيرة الى أن سعر الدونم وصل الى 3 دنانير وهو نفس التكلفة التي تحملها المزارع لبذار وفلاحة أرضه بعد أن نثر فيها البذار.

وبمعزل على حسبة الربح والخسارة تبقى قناعة الزبون بعدم إهمال الأرض وهي مهنة ورثتها عن الأجداد، تستطرد قائلة "الفلاحين ما بيهجروا الأرض، هذه مهنتهم وأصولهم، والي بيصبر على الأرض وبيعتني فيها إلا ما تعطيه".

وتقول "الختايرة يصفون الأرض بالكنز المدفون دلالة على أن خيراتها فيها"، مشيرة الى أن العطاء يتفاوت من سنة لأخرى وهو ما يستدعي من وزارة الزراعة أن تدعم المزارعين وتشد على أيديهم وتضع التسهيلات التي تضمن عدم هجرتهم للأرض".

أبو عيسى الخصاونة زرع قرابة الـ 1800 دونم بالمحاصيل الحقلية في لواء بني عبيد وكلفة رعاية الأرض والمحصول تجاوزت الـ 3 آلاف دينار وهو الآن يبيع الأرض كمراع بـ 4 دنانير ولا قدرة له على تعويض خسارته نظرا لضعف إقبال مربي المواشي على شرائها.

يقول الخصاونة إن المزارع لم يجد دعما من الوزارة فالمزارع يتكبد تكاليف السماد والحراثة وشراء البذار من السوق السوداء التي يتحكم فيها التجار، وفي نهاية المطاف يتكبد خسائر ولا يجد تعويضا من الحكومة رغم إصراره والمزارعين على عدم هجران الأرض.

ويشير الى أن مزارعين أمثاله يبحثون عن تصريف لأراضيهم من خلال بيعها، لافتا الى أن سبب عطب المحصول يعود الى قلة الأمطار إذ لم ترتوِ الأرض منذ مطلع آذار (مارس) الماضي.

ويضيف قائلا "نسمع عن اجتماعات ودراسات لدعم المزارعين ولكنها من دون جدوى"، مشيرا الى أن غالبية الأراضي المزروعة بالمحاصيل الحقلية في إربد، "ما طلع فيها القمح ولا الشعير وأن محصول السنة تعبان، لا يصلح إلا للمراعي".

ولفت الى أن تكلفة الدونم الواحد بلغت 8 دنانير، فيما يبيع المزارعون أراضيهم كمراع بمبلغ لا يتجاوز الـ 4 دنانير، ويحاول الخصاونة تهدئة نفسه بالقول "العوض على الله".

الحصادات لم تشتغل محركاتها في الحقول الذهبية، فالمزارعون ما يزالون ينتظرون اكتمال نمو سنابل القمح والشعير.

ويقول مدير زراعة محافظة إربد المهندس عبدالله كنعان إن "الصوامع لم تفتح أبوابها بعد أمام المزارعين، نظرا لعدم نضوج المحصول".

ولفت الى أنه ونزولا عند مطالب المزارعين فإن وزير الزراعة أمر أخيرا بفتح أبواب الصوامع أمام المزارعين في نهاية شهر أيار(مايو) للتخفيف عليهم، سيما وأنهم يتكبدون تكاليف مالية لنقل البيادر والمحصول الى المنازل لحين تشغيل الصوامع.

وأكد أنه من المبكر حاليا حصد المحاصيل القمحية، ولم ينكر بأن غالبية الأراضي الواقعة شرق النعيمة ولواء بني عبيد قد عطب معظم محصولها نتيجة تعرضها للفحات هوائية سببها الارتفاع والانخفاض المفاجئ في درجات الحرارة فضلا عن انخفاض نسبة الرطوبة في التربة في المناطق الشرقية.

وأكد كنعان أن توقعات المديرية تشير الى أن إنتاج المحصول لهذه السنة جيد للمناطق الواقعة شمال وغرب إربد، مشيرا الى أن خبراء توقعوا أن يبلغ إنتاج بعض الدونمات حوالي الـ 500 كيلوغرام وهي كمية جيدة تبشر بالخير.

وحذر من حصد محاصيل القمح قبل اكتمال نموها حتى لا تصاب الحبات بالضمور، أما فيما يتعلق بمحاصيل الشعير فقد أشار الى أن البعض بدأ بحصادها نظرا لأن نضوجها يسبق نضوج القمح.

وتبقى توقعات الإنتاج مع انتهاء موسم الحصاد رهينة بهبوب اللفحات الخماسينية بحسب كنعان.

يذكر أن إنتاج العام الماضي من القمح في إربد بلغ (5855) طنا تقريبا فيما الشعير بلغ حوالي (5621) طنا.