أخبار الحمقى والمغفلين

أخبار الحمقى والمغفلين




«ذات يومٍ كان أحد المغفلين يقود حماره، ويدور به داخل السوق، فرآه أحد الخبثاء فقال لصديقه: أستطيع أن أنتزع هذا الحمار من غير أن يعلم صاحبه المغفل. فقال صديقه: وكيف؟ فتقدم الخبيث وسار خلف المغفل من دون أن يحس به وحل الحبل من رقبة الحمار ثم وضع الحبل في رقبته هو قال لصديقه: خذ الحمار واذهب. وظل المغفل يسير والمقود في يده وهو لا يدري بأنه لا يقود حماراً بل يقود رجلاً مثله. وبعد لحظةٍ التفت المغفل فرأى الحبل برأس ذلك الرجل فسأله: أين الحمار؟ قال الرجل: أنا هو!! سأل المغفل باستغراب: ماذا تقول؟.. كيف حدث هذا؟ فتظاهر الخبيث بالبكاء وراح يقول: كنت فتىً عاقاً لوالدتي فحولني الله حماراً، وقد خدمتك طول هذه المدة، واليوم رضيت عني والدتي فأعادني الله بشراً. فشعر الأحمق بالدهشة وقال متألماً: لا حول ولا قوة إلا بالله. كيف أستخدمك وأنت آدميٌ مثلي. اذهب في أمان الله. وعندما عاد الأحمق إلى البيت وقص على أمه ما حدث قالت له: حسناً فعلت يا ولدي. وظل الرجل في بيته أياماً لا يخرج حتى قالت له أمه: اذهب إلى السوق واشتر لك حماراً وعد به إلى عملك. فخرج الرجل إلى سوق الحمير ليشتري حماراً، وهناك رأى حماره فشعر بالدهشة والاستغراب فتقدم منه وهمس في أذنه: - أيها الغبي هل عدت إلى عقوق أمك؟».
ليست هذه مجرد طرفة مبتكرة, إنما قصة حقيقية من عشرات القصص والأخبار التي جمعها ابن الجوزي (1114-1201م) في كتابه «أخبار الحمقى والمغفلين».
يعلل ابن الجوزي وضعه لهذا الكتاب بثلاثة أسباب يذكرها في المقدمة: «إني لما شرعت في جمع «أخبار الأذكياء», وذكرت بعض المنقول عنهم ليكون مثالا يحتذى- لأن أخبار الشجعان تعلم الشجاعة- آثرت أن أجمع أخبار الحمقى والمغفلين لثلاثة أشياء؛ الأول: أن العاقل إذا سمع أخبارهم عرف قدر ما وهب له مما حُرموه, فحثه ذلك على الشكر. والثاني: أن ذكر المغفلين يحث المتيقظ على اتقاء أسباب الغفلة. والثالث: أن يروِح الإنسان قلبه بالنظر في سير هؤلاء المبخوسين حظوظا يوم القيامة».
ومن تلك الأخبار والقصص الطريفة: أن رجلا عاد إلى امرأته وكانت أحسن النساء شَعرا. فقال: ما خطبك؟.
فقالت: أردت أن أغلق الباب فلمحني رجل ورأسي مكشوف فحلقته, وما كنت لأدع شعراً رآه من ليس لي بمحرم!.
وفي حكاية أخرى: مررت بقوم قد اجتمعوا على رجل يضربونه, فقلت لرجل كلن يجيد ضربه: ما حال هذا؟ قال: والله ما أدري حاله, ولكنني رأيتهم يضربونه فضربته معهم!.
عن أبي الفضل أحمد الهمذاني قال: جاءت امرأة إلى القاضي وقالت إن زوجها طلَقها, فقال القاضي: لك بينة؟ فقالت: نعم, جار لنا, قال: فأحضرته, فقال القاضي سمعت طلاق هذه المرأة؟ فقال: يا سيدي خرجت إلى السوق, فاشتريت لحما وخبزا ودبسا وزعفرانا, فقال له القاضي: ما سألتك عن هذا, هل سمعت طلاق هذه المرأة؟ قال: ئتركته في البيت وعدت فاشتريت حطبا وخلا, فقال: دع عنك هذا, فقال: ما أحسن الحديث من أوله, ثم قال: جلت في الدار جولة فسمعت زعقاتهم, وسمعت الطلاق الثلاث, فما أدري أهي طلقته أم هو طلقها!.
أما عن معنى الحمق والتغفيل فيذكر ابن الجوزي: «هو الغلط في الوسيلة والطريق إلى المطلوب مع صحة المقصود, بخلاف الجنون, فإنه عبارة عن الخلل في الوسيلة, والمقصود جميعا. فالأحمق مقصوده صحيح, ولكن سلوكه الطريق الفاسد ورؤيته في الوصول إلى الغرض غير صحيحة, والمجنون أصل إشارته فاسد, فهو يختار ما لا يُختار, ويبين هذا ما سنذكره عن بعض المغفلين, فمن ذلك: أن طائرا طار من صاحبه فأمر أن يُغلق باب المدينة! فمقصود هذا الرجل حفظ الطائر».

يسلموووووووووووو

يسلمو على الموضوع الله يعطيك العافيه

شكراااااااااااااااااااااااا