هيئة المرئي والمسموع تسقط في فخ التسويق لفن العري المتاح والمباح

للمرة الثانية على التوالي تسقط هيئة المرئي و المسموع في فخ عدم القدرة و المعرفة الإعلامية بل وحتى الخبرة .



قبل أشهر عديدة تنطحت الهيئة لإقامة مهرجان إعلامي، حشدت له بعض الشخصيات الأكاديمية الدولية غير المعروفة، وقد أدى عدم وجود المعرفة والخبرة لدى القائمين على المهرجان المذكور إلى سقوط هذا المهرجان بشكل صارخ ، ويذكر الزملاء الذين تسنى لهم حضور بعض فقرات هذا المهرجان أن الإعلام الأردني كان هو الغائب الأوحد عن فقرات هذا المهرجان ، وكان الاحتجاج الإعلامي الأردني العلامة الفارقة على هذا التجاهل من قبل هيئة المرئي و المسموع.



واليوم ، وقد اعتقدنا أن الهيئة قد استفادت من التجربة السابقة ،إلا أنها عاودت السقوط في فخ عدم التجربة والخبرة والقدرة على الفهم الحقيقي للإعلام ومتطلباته، خاصة وأنها تنطحت لإقامة مهرجان الأردن للإعلام العربي الذي تم افتتاحه يوم السبت 15-10-2010م ، بحيث جاء المهرجان معبرا عن قصر النظر والسطحية في فهم معنى أن يكون هناك مهرجانا إعلاميا يحمل اسم مهرجان الأردن للإعلام العربي وليس مهرجان الأردن للتسويق الإعلاني العربي المهرجان الذي روجت له الشركة صاحبة الفكرة و الداعمة له وهي الشركة الأردنية السعودية للبث الفضائي وتبنته للأسف هيئة المرئي والمسموع جاء لينشر ثقافة تسويق البرامج الغير هادفة والتي مثلت وتمثل سقوط بعض الإعلام العربي في هاوية فضائيات "المتعة" والجنس و الإثارة وخدش الحياء لكل أسرة عربية محترمة ،بل أن المهرجان لم يحمل في ندواته أية مضامين يمكن أن تشكل وعياً حضارياً ثقافياً سياسياً اقتصادياً أو اجتماعيا هادفا لدى المتلقي الحاضر لفعاليات المهرجان أو لدى أولئك الذين يشاهدون بعض برامج الفضائيات التي كرمها المهرجان وبعيداً عن الخوض في الكثير من تفاصيل الأخطاء بل الخطايا التي رافقت إطلاق المهرجان ، وخصوصاً تلك المتعلقة بتكريم بعض الشخصيات الرسمية العربية المعنية بالإعلام "رسميا " ، والتي تقود حملة التضليل والتجهيل ضد الإعلام الحر في العالم العربي ، وكذلك الشخصيات الفنية التي لم يعرف عن ماضيها الفني سوى طرح أفلام الإثارة و الجنس و العري ، فآن من المناسب أن نذكر هيئة المرئي و المسموع أن في الأردن تجربة إعلامية متميزة بدأت مع الصحافة المقرؤة ثم المرئية حتى وصلت إلى الإعلام الالكتروني الذي سجل تجربة ناجحة أصبحت مثار إعجاب لكل الإعلاميين في العالم العربي بالرغم من عدم اعتراف المؤسسة الرسمية بهذا النجاح لكن المشكلة ليس في التكريم ، المشكلة في أن المهرجان ادعى انه معني بالإعلام ..



وليس بالفن السينمائي أو التلفزيوني من أفلام ومسلسلات من هنا كانت الدهشة وكان الاستغراب أن أدارة المهرجان لم تعطي للإعلام أية مساحة للتعبير عن ذاته بحيث أن الصحافة بكل أشكالها كانت غائبة عن ندوات المهرجان ولم تناقش أي قضية إعلامية ، بل اقتصر النقاش على قضايا الفن وهموم أهل الفن وقضايا المنتجين للفنون وهذا ليس له علاقة بالإعلام من قريب أو بعيد كنا نود أن يكون الإعلام بكافة أشكاله حاضرا في هذا المهرجان الذي ادعت هيئة المرئي والمسموع أن المهرجان مخصص له ، وليس للأفلام والمسلسلات ،بل كان بامكان الهيئة أن تطلق على المهرجان اسم مهرجان الأفلام أو الفن أو البرامج الفنية أو الدراما وغيرها من الاسماء التي تعبر عن حقيقة ما قدم في هذا المهرجان لا أن تتلطى خلف الإعلام وتعلن أن المهرجان مخصص للإعلام العربي ولكن الحقيقة الواضحة للعيان أن هيئة المرئي والمسموع وقعت في فخ عدم الخبرة أو أنها أدركت أنها لو أعلنت أن المهرجان الذي سيتم تحت إشرافها معني فقط بالفن وليس بالإعلام فان كل المختصين في الأردن سيقولون لها أن هذا العمل ليس من اختصاص الهيئة بل هو من اختصاص مؤسسات أخرى وعلى رأسها وزارة الثقافة ...!



كان بإمكان الهيئة لو كانت صادقة أو لديها الخبرة أن تعمل على تنفيذ برنامج إعلامي ناضج في الأردن وتكرم شخصيات إعلاميه محلية وعربية وان تفرد مساحات للحديث عن التجربة الإعلامية الاردنية ، كما كنا نود أن تكرم هذه الشخصيات في هذا المهرجان وان يتم الحديث عن تجربتها الرائدة في فترة كان العديد من دول العالم العربي يعيش في ظلام القهر والجهل والقمع ، أمثال جمعة حماد ، سليمان عرار، ومحمود الكايد ، وكامل الشريف ، ومحمود الشريف وإبراهيم سكجها وطارق مصاروه و يوسف أبو ليل ، وعبد الحفيظ محمد الزبن وراكان المجالي وميشيل النمري ومحمود الحوساني ، و محمد كعوش وعبد السلام الطراونه ، و عبدالله العتوم ، واحمد الدباس ، وغيرهم الكثير الكثير من الإعلاميين الذين أوصلوا الرسالة الإعلامية الأردنية إلى كافة بقاع الأرض ، كما كنا نود أن تعمل الهيئة على تكريم الإعلام المرئي والمسموع الأردني من خلال تكريم قيادات إعلامية حملة الرسالة وجابت بها كل الدول العربية ، حيث علمت من يتسلمون المناصب الإعلامية في هذه الدول حاليا ، أسس وأبجديات العمل الإعلامي ، فمنهم من توفاه الله و منهم من هم على قيد الحياة ، ولعل صلاح ابو زيد وسليمان خيرالله و محمد الشريف ، وعبد الحميد ألمجالي ، و زاهية عناب ، وسهى طوقان ، و إبراهيم شاهزاده ، و توجان فيصل ، و رغده دبابنة ، و رافع شاهين ، وغيرهم الكثير الكثير ممن قادوا العمل الإعلامي المرئي و المسموع الأردني إلى نجاحات كبيرة بحيث أصبح التلفزيون الأردني و إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية علامة مميزة في مجال العمل الإعلامي الرسمي العربي .



و أما في مجال العمل الفضائي الأردني الخاص أليس من الواجب التوقف عند هذه التجربة التي حققت نجاحات باهرة بالرغم من قلة الإمكانيات و محاربة بعض المسؤولين لهذه الفضائيات و عزوف "تجار" عن دعمها إعلانيا ، ألم تحقق هذه الفضائيات نجاحات ، أصبحت مثار أعجاب و افتخار للأردن خاصة في مجال الحريات الإعلامية التي تفاخر بها الحكومات مع حلول ضيوف المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى ارض الوطن ، فماذا يعرف القائمون على الهيئة عن أهمية البرامج التي تقدم على بعض هذه الفضائيات محليا وعربيا .!؟



إن ما يحز في النفس أن القائمين على المهرجان قد استطاعوا استغلال هيئة المرئي و المسموع ، وادخلوها من حيث تعلم أو لا تعلم في آتون حملة تسويق تقوم بها المدينة الإعلامية الجديدة المملوكة للشركة الأردنية السعودية للبث الفضائي ، من اجل فتح آفاق التعاون ما بين القنوات الفضائية و المدنية ، وجاء المهرجان ليخدم هذا التوظيف التسويقي على حساب الإعلام الحقيقي الذي كنا ننشده و نسعى له، ولا نكتفي بان تعرض المؤسسات الإعلامية الأردنية إنتاجها الدرامي ، بل كان المطلوب أن تكون هناك ندوات وحوارات حول التجربة الإعلامية الأردنية والعربية لتثبت لنا هيئة المرئي والمسموع أنها فعلا مؤهلة للتعامل مع قضايا الإعلام نعم كنا نود أن نرى طارق مصاروة يتحدث عن فن كتابة المقالة وراكان المجالي عن تجربة العمل الإعلامي في الأردن قبل أكثر من أربعين عاما ،كما كنا نود أن يتحدث احدهم عن التجربة الإعلامية للصحافة المهاجرة إلى الغرب في عقد السبعينيات من القرن الماضي وعدد من الزملاء يتحدثون عن تجربة إصدار الصحف الأسبوعية في الأردن في التسعينيات من القرن الماضي أيضا ، وغيرها من القضايا الشائكة التي تهم الإعلام والإعلاميين ، ولكن وللأسف فشلت الهيئة في طرح مشروع مهرجان أو منتدى إعلامي في الأردن ، يكون محطة سنوية لمناقشة قضايا الإعلام العربي والأردني وليس كما حدث مهرجان للأفلام والمسلسلات الذي نعتقد أن جهات أخرى هي أكفاء في عملية انجازه بالشكل المطلوب من الهيئة .



إن المطلوب اليوم وقفة حقيقية و مراجعة شاملة لما تقوم به هيئة المرئي و المسموع لمنعها من الوقوع في "فخ" عدم التجربة و الخبرة و القدرة أيضاً الغير متوفرة في أدائها ، ما جعل الهيئة فريسة لتجار بعض المؤسسات الفضائية غير الإعلامية و القائمة على فن العري المتاح أو المباح