قهوة و حاسوب (قصة كتبها أحد أالطلاب .. رغم أنها محاولته الأولى ... إلأا أنها تحمل روح الفكاهة و العصرية ...)

منذ دخول الحاسوب إلى بيتنا هذا ... اعتدت أن أقضي الليل جالساً أمامه أتصفح في فضاء الانترنت الواسع ...الذي استهويته منذ عدة سنوات ..يومٌ جديد لا أحس أن بينه و بين الأيام الأخرى فارق أبداً زوجتي وحدها تشاهد التلفاز لقد بتنا مبتعدين تماماً منذ أن اشتريت الحاسوب ...أحس بالذنب و لكن رغم ذلك كان إدماني أقوى ..توددت إليها بقول لين (سأعد القهوة...سنشربها سوياً( ابتسمت ابتسامة رائعة ..و فعلاً نهضت تاركاً كل الروابط التي تربطني بهذه الشبكة العنكبوتية إلى المطبخ لأعد القهوة ...أخذتها ووضعتها على الطاولة و جلست بجانب زوجتي بابتسامة ...فقالت مع ضحك (كيف تركت زوجتك الثانية؟!(..ابتسمت و قلت (معك حق ..و لا أستطيع قول شيء(..و قطع ذلك الحديث صوت الحاسب و هو ينبه بوجود رسالة..أخذ الدم يغلي في عروقي إنها الرسالة المنتظرة لقد بعثتها تلك الأمريكية الصديقة التي اشتقت لها قد أرسلت الرد ..أريد أن أراها لقد وعدتها بالرد الفوري... نهضت بسرعة حاملاً فنجان القهوة خاصتي و أقول(يا إلهي إنه فيروس سامحيني عزيزتي لا أستطيع أن أخسر الحاسب( قالت باستهزاء(لا توضح أعرف كل شيء( ...أحسست نفسي صغير القدر..أركض لاهثاً وراء حاسب..وراء فتاة أو وراء شبكة ...من هذه الفتاة لأحزن زوجتي لأجلها...؟!...وسط هذه الأفكار و وسط الركض إلى الحاسب تعثرت بلعبة ابني و ارتميت أرضاً ...تاركاً فنجاناً من القهوة يحلق في أجواء المنزل ... و لكنه لم يجد مهبطاً إلا لوحة المفاتيح ! ...ليته سقط على رأسي أو رأس زوجتي و لم يسقط على اللوحة....نظرت إلى زوجتي ..أحسستها فرحة جداً بما حصل ..و تدعو ربها لو أن هذا الحاسب لم يعد يعمل...نهضت في غضب صارخاً(أعطني قماشه أزيل هذا الهراء!(...نهضت ببطء و جلبت القماشة و أنا أزيل القهوة بيدي ...أتت و أحضرت القماشة أخذتها بعنف و مسحت بلين و امتلأ صدري بالحنين لأزيل من قلبي الأنين فهذا صديق السنين و أغلى المحبوبين..أحسسته يحدثني أخباره و كأنني لشدة تعلقي به أناجيه...(أنا آسف لقد دخلت القهوة حرمك و حرقت أجزاء جسدك فهلا تصفح عني و تعمل؟!( فقال في حقد (لا لن أعمل بعد اليوم ألا يكفي أن حرارتي ترتفع كل ليلة و تصرخ مروحتي طالبةً النجدة و أنت تتحدث مع هذا و تلك؟! ..و رغم كل ذلك أمنحك أجمل الألوان و الصور و الصديقات و أخبار الرياضات و العلوم و اللغات و أخبار كل البلاد ..و لا زلت تريد أن تضحك علي بكلامك الذي تظن أنه لين..و ها هي القهوة دخيل آخر جديد غير المشروبات و المأكولات و التبغ الذي يدخل جوفي كل ليلة ..و لازلت مصراً أنني سأعمل!...هيا أحضر غيري عسى و لعل أن يحتمل عذاب جهنم في بيتك و لا أظن ذلك!( فبادرته قائلاً(كفاك هراء ..تظل نائماً طوال النهار و أنا أعمل كالدابة لأدفع ثمن طعامك (الكهرباء( أيها الشقي ...فاعمل لا بارك الله بك..لقد أحضرتك نشيطاً تعمل طيلة النهار ما بالك طغى عليك الكسل؟! ..أما عن ما يزورك من مخربات فلا مشكلة سآخذك إلى صديقي إنه مختص بإصلاح الكمبيوترات الكسولة أمثالك و سيقوم بجعلك عاملاً نشيطاً ..رغم أنفك!(...صرخ بصوت عالٍ و شعرت بموجات كهرباء تلدغني و قال(يا لحماقتك! ..ابنك يعوي طيلة النهار أمامي و زوجتك تبادره النهيق ليقوما بالعبث بي دون أن يعلما ماذا يفعلان ,و كيف أنام ؟! ...و كيف أرى الأحلام؟! ...مهما حاولت يا صديقي سيظل الحق عليك ..( عاجلته برد (أنا مالكك يا ولد !( شعرت به صامت و متألم من استخفافي به رغم كل قدراته الجبارة...قال (مالك أجزائي و عتادي و لكنك لا تملك قدراتي أبداً( و كان ردي بالتأكيد (إنسانٌ مثلي اخترعك!( تقهقه قائلاً (هاها إنسانٌ مثلك؟! لا تقل لأحد سيضحك عليك...أولاً لذاك عقلٌ كبير ..و ثانياً هذا الذي اخترعني لا يجيد ما أجيد ..(..قلت(لماذا تذهب بعيداً عن واجباتك؟!..و ماذا استفدت من كلامك الآن؟!( قال(و ماذا استفدت من حمامك المليء بالقهوة الساخنة ؟!(..قلت(و الآن قررت العمل أم لا؟!...(...قاللا الصدمة مؤلمة و لن تستطيع كتابة أي حرف( أخذت أبعثر أجزاءه و أفرقها و أمسحها... قاللا تتعب نفسك لن أعمل!( ..مسحت كل شيء و جهزته و استعددت لأضغط أول زر يعمل الحاسوب به..و فعلاً ضغطت الزر فإذا به لم يكتب الحرف..لعن الله الحواسيب و الأعطال أشك أنه فيروس!.. قالنتفق أنا و أنت أتعدني أن تريحني عشر ساعات و أعمل الباقي..؟!( فكرت..أنا أريد ست ساعات و ابني ثلاثة...يا إلهي زوجتي تأخذ كل النهار ...لا و فوق كل هذا تحزن لجلوسي أمامه...لا بد أنها تكشف محادثاتي مع الصديقات...أجبته و بدون تفكير( حسناً و لكن بشرط...سأمنحك ميزة لتخبرني من يدخل بريدي الالكتروني..( أجاب(اتفقنا...ما عليك الآن سوى إعادة تشغيلي..وداعاً(..أعدت تشغيله..فإذا باللوحة تعمل !...لقد تخلصت من هذه المشكلة...(شكراً لك أيها الحاسوب سأهديك دواءً للأمراض وهو برنامج مضاد الفيروسات AVG لتكون خالياً من الفيروسات(..أجاب(لا شكر على واجب يا صديقي...سننقتحم العالم أنا و أنت عبر الشبكة ..و لن أخبر زوجتك بما يحدث ما دمت مطيعاً لي(...قطع ذلك الكلام زئير زوجتي (مع من تتكلم ؟!!!(.. التفت مذعوراً إليها..(ما بك؟(...قالت(هل أنت مجنون أتكلم الحاسوب؟!..فعلاً هذا الجهاز أكل عقول البشر!...(..رددت ضاحكاً(لا شيء فقط كان يقول لي أن زوجتي العزيزة كانت تقضي طيلة النهار في الجلوس عليه و أنها تشاجر ابني من أجل الجلوس(...قالت بخبث (ألم يخبرك عن نفسك و الصديقات اللواتي تسهر معهن في التحدث؟!(...يا إلهي لم أجهز نفسي لهذا الموقف!..قلت(تجار أجانب سنستقبلهم بعد أيام!(..قالت(هه..ذكي...العب غيرها(...(أنا زوجك! و آمرك بالسكوت!(...(لن أسكت!(...(آه لقد تذكرت الرسالة تمهلي قليلاً..(.فتحت الرسالة و قرأت ما فيها ( عمي العزيز السلام عليكم و رحمة الله و بركاته نهنئكم جميعاً بقدوم شهر رمضان الكريم ..كل عام و أنتم بخير(..جلست بصمت...و أخذت زوجتي بالضحك...و أنا أوبخ نفسي التي باتت تلهث على رسائل الغرباء...فعلاً كما قالت زوجتي...لقد أكل عقول البشر....