لولا الحشيش و النسوان

اضرار الحشيش

الحشيش او الحشيشة أو ما يطلق عليه احياناً مصطلح السيجارة أو (الزيجارة!!)، كلها تعني مادة واحدة من أخطر المواد المخدرة، وللأسف يتساهل الكثيرون في التقليل من هذا المخدر الخطير، بل ان بعض الأطباء في بعض البلدان العربية يطالبون بإباحة استعماله الخاص.. ولا أعلم كيف يكون الاستعمال الخاص كما يذكر البعض، وكما يريد بعض المتعلمين من الذين انخدعوا ببعض الكلمات المعسولة لبعض من يدعي العلم والتحرر.
الحشيش مخدر خطر جداً.. جداً ولكن بعض الناس ينخدعون بأن الحشيش ليس له مضار.. وهذه خدعة كبيرة، فالحشيش يسبب امراضاً نفسية وعقلية خطيرة. والذي لا يعرفه الكثيرون بأن الحشيش الآن اصبحت قوة المادة المخدرة فيه اقوى بحوالي ستة عشر مرة، حسب آخر التقارير التي تتابع هذه المادة، ويقوم الجيش السويدي بأكبر وافضل دراسة عن تأثير الحشيش على الحالة الصحية للمدمنين سواء العضوية والنفسية. وقبل ذلك قامت دراسة في هولندا وكذلك في نيوزلندا وكانت المفاجأة التي لم يستغربها الباحثون ان المادة المخدرة في الحشيش قد زادت بما يعادل ست عشرة مرة عما كان يحتويه في الستينات من القرن الماضي، هذا السبب الذي يؤدي الى الأمراض العقلية والنفسية التي يعاني منها من يستخدم الحشيش.
الحشيش هو اكثر واخطر المخدرات المنتشرة في العالم العربي، وهو داء عضال في بعض المجتمعات العربية، حيث يعتبر نوعاً من العادات الاجتماعية، وهو المادة التي يجتمع عليها الأصدقاء، وللأسف فإن هذه العادة بدأت تنتشر بين النساء العربيات، وإن كان غالباً يحاط استخدام الحشيش بسرية، ولكن دائماً هناك مجموعة من الأشخاص يجتمعون معاً (شلة) في جلسات معروفة لتبادل الأحاديث والنكات، ومن الاساطير التي يصدقها العامة بأن الحشيش يجعل الجلسات مرحة وتصبح الجلسة خفيفة ظل، ولكن واقع الامر ان المجتمعين- تحت تأثير الحشيش- يصبحون خفيفي العقل..! حيث يلعب الحشيش بمشاعرهم واحاسيسهم ويجعلهم يضحكون لأتفه الكلمات.
ما هو الحشيش؟
الحشيش مادة معروفة منذ آلاف السنين، فقد عرفه الصينيون قبل حوالي 2737عاماً قبل ميلاد المسيح، وكان يعتقد الصينيون انذاك بأن للحشيش فوائد طبية من حيث التخدير. كذلك عرف الاغريق الحشيش، ومن كلمة (كانابيس) التي تعني في اللغة الإغريقية "الضوضاء" جاءت تسمية الحشيش في اللغة الإغريقية ب(CANNBIS) والتي تعني الحشيش الآن في اللغات الاوروبية المأخوذة عن اللغة اللاتينية. كذلك عرف الفرس الحشيش وورد في كتابهم المقدس "الأفستا" الآثار الضارة الناتجة عن دخان القنب الهندي ( أي الحشيش). كذلك عرف الالمان الحشيش قبل 500عاماً من ميلاد المسيح، وكانوا يستعملونه في العلاج. عرف الحشيش ايضاً قدماء المصريين، وكذلك الآشوريون، وقام المهاجرون الهولنديون بإدخال الحشيش الى جنوب افريقيا، وكانوا يبيعونه للسكان الافارقة. ما أدى الى انتشاره بينهم، وغرق السكان السود في الادمان على الحشيش، فيما استغل ذلك القادمون ليحكموا البلاد ويستغلوا سكانه الاصليين.! قام طبيب فرنسي اسمه فيري عام 1803من الحملة الفرنسية المرافقة لنابليون اثناء غزوة مصر، قام هذا الطبيب بالكتابة عن الحشيش في مصر، ما أثار فضول العلماء الاوربيين، ودفعهم للبحث عن هذه المادة المخدرة، و
هذا كان له اثر جيد في معرفة التركيب والمفعول التخديري لهذا المخدر الخطر.
يستخرج الحشيش من القنب، وهو نبات متوحش ينمو في المناطق المعتدلة، ولكن يمكن زراعته في المناطق الاخرى الباردة او الحارة، اذا توفرت له العناية المناسبة، وهذه النبته تتكون من ذكراً وانثى، وعندما تنضج النبتة الانثى، تفرز زهرتها مادة سائلة تستخرج منها الحشيش اما الاوراق لهذه النبتة فهي ما يعرف بالماريجوانا، لذلك فالحشيش والماريجوانا هما نفس المخدر. وماريجوانا هي كلمة برتغالية الاصل، مشتقة من "ماريانجوانجو" وتعني التخدير باللغة البرتغالية.

الحشيش مادة خطيرة وتسبب امراضاً عقلية، اهمها مرض يشبه الفصام، حيث يعاني الشخص الذي يتعاطى الحشيش، خاصة الذين يستخدمونه لفترة طويلة، من هلاوس سمعية، حيث يسمع اصوات غير موجودة، وكذلك قد يرى اشياء غير موجودة مما يعرف بالهلاوس البصرية. هذه الهلاوس السمعية والبصرية، اشياء مزعجة جداً لمن يعاني منها، حيث تضايقه الهلاوس السمعية، واحياناً يتخاطب معها مما يجعل الآخرين يستغربون مع من يتحدث هذا الشخص؟ واحياناً يستجيب الشخص للهلاوس السمعية التي تعطيه اوامر، مثل افعل كذا وافعل كذا، واحياناً تأمره بإيذاء الآخرين المقربين منه، مثل زوحته او اولاده. والهلاوس البصرية تجعله يشعر بالرعب، فهو يرى اشياء غير موجودة، وتشعره بالخوف الشديد، وربما فضل البقاء مكانه وعدم الحراك، حتى لا يثير هذه المخلوقات المخيفة التي يراها.
ايضاً الحشيش يسبب ما يعرف بالاضطراب الزوري، وهو الشكوك المرضية، بمعنى ان الشخص يصبح شكاكاً بجميع من حوله، ويتوهم بأن هناك مؤامرة ضده. ويبدأ سلسلة من المشاكل مع المحيطين به. فيشك في اقرب الناس اليه. فاذا كان متزوجاً يبدأ بالشك في زوجته، ويقوم بتفسير الامور بصورة مغايرة، وربما انتهى زواجه بمأساة بسبب تعاطيه للحشيش. ويشك في زملائه في العمل ويبدأ سلسلة من المشكلات مع مرؤوسيه ورؤسائه بحجة ان رؤساءه لا يعطونه ما يستحق من احترام ولا يوكلون اليه اعمالاً تتناسب مع مؤهلاته وخبراته التي يبالغ كثيراً فيها..! وكذلك يصبح عنيفاً مع من يرأسهم، حيث يعتقد بأنهم لا يحترمونه كرئيس لهم، ويتهمهم بأنهم يحيكون المؤمرات للاطاحة به حتى يتولى واحد منهم مكانه. ويبدأ ايضاً في الشكاوى للمسئولين عن اشياء لم تحدث، وربما يصبح عنيفاً، ويحاول ان يؤذي بعض من يعملون معه بدنياً، اما بالضرب او ربما بالتهديد بالقتل. ويضع نفسه في مواقف حرجه، وكذلك يضع من يرتبطون بصلة قرابة معه او حتى صداقة او معرفة عادية، في مواقف صعبة.

كذلك يؤدي الحشيش الى الاكتئاب عن طريق تأثيره على بعض المواصلات العصبية في الدماغ، وكثيراً ما يشاهد الشخص الذي يتعاطى الحشيش، عصبياً متوتراً، قلقاً، يثور لأتفه الاسباب. ودائماً يشكو من ضيق الصدر والتوتر دون اسباب ظاهرة، ويبحث دوماً عن مبررات لكآبته، ويعزو هذه الكآبة الى عدم تدخينه الحشيش..!
بعد كل هذا قد يتساءل البعض لقد عرفنا اشخاص، تعاطوا الحشيش لسنوات ولم يحدث لهم شيء مما ذكرت؟! وربما بعض من يتعاطون الحشيش يتساءلون عن هذه المعلومات.. فقد جربوا الحشيش ودخنوا لسنوات ولم يحصل لهم شئ مما ذكرت..!.
واقع الامر ان ما ذكرته هو نتائج دراسات من مراكز متعددة. فبعد ان استشري تعاطي الحشيش في كثير من الدول الغربية، قامت مراكز دراسات بحثية، بهذه الدراسات وخرجت بهذه النتائج، وكذلك مشاهداتي العملية خلال سنوات ممارستي كطبيب شاهدت الكثير من هذه الحالات.كون ان الشخص لم يعاني من الاعراض التي ذكرتها لا يعني انه لم ولن يمر بها. ولكن القضية قضية وقت. فالذي تعاطى الحشيش منذ خمس او عشر سنوات، قد لا يكون التخريب لاجهزة الدماغ قد حدث بعد، او ربما حدث ولكن لم يلاحظ المتعاطي نفسه، وكذلك لم يتنبه من حوله. لكن مرور الوقت سيبين هذه الاعراض.تكلمنا عن المشاكل الصحية، خاصة النفسية، وهناك جانب مهم لإدمان الحشيش، وهو الجانب الاجتماعي. فللإدمان مشاكل اجتماعية خطيرة، اهمها ان المدمن يعيش في بوتقة عالم الإدمان، وينصهر داخل هذه البوتقة مع افراد متنوعة مشاربهم اغلبهم من اكثر الاشخاص شراً وسوء خلق، فجميع من يصاحبهم هم من المدمنين على الحشيش، وقد يعرضه لمتاعب اجتماعية كثيرة. أمر آخر وهو المشكلات المالية، فكثير ممن يتعاطون الحشيش يشكون دوماً من ضيق ذات اليد. فاستخدام الحشيش يكلف كثيراً، وبعض من الذين يتعاطون الحشيش يشكل هذا التعاطي عبئاً مالياً عليهم مما يضطرهم الى التقصير في الجوانب المهمة، خاصة في ما يتعلق بالعائلة والاطفال، واحياناً قد يرتكب بعض الشباب جرائم حتى يحصلوا على مال ليشتروا به حشيش.
ختاماً اقول بان تعاطي الحشيش امر خطير، وان الحشيش مادة مخدرة خطيرة تؤدي الى ضمور خلايا الدماغ على المدى الطويل، وان استخدام الحشيش قد يقود الى اضطرابات عقلية وكذلك قد يرسب مرض عقلي خطير مثل مرض الفصام.
إن وقوع الشباب في براثن إدمان الحشيش امر له عواقب سلبية خطيرة، حيث يعرضهم للمشاكل الصحية التي تحدثت عنها، اضافة الى ان الحشيش يقتل الطموح في نفوس هؤلاء الشباب، ويصبح منتهى طموح الشخص منهم ان يحصل على قطعة حشيش يدخنها وينسى همومه معها.. لكن هذه الهموم والمشاكل لم تذهب عندما دخن سيجارة الحشيش وانما زاد هذه المشاكل، وربما ارتكب هذا الشاب اكبر اخطاء حياته عندما "ضرب زيجارة الحشيش"