Hayat Irbid Forum

منتدى حياة إربد يرحب بكم

و يا 100 مليون مرحبا

سارع الآن وسجل معنا وتمتع بخدماتنا

* إذا لم تصل رسالة التفعيل إلى البريد الإلكتروني ستقوم الإدارة خلال 24 ساعة بتفعيل الإشتراك *

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

Hayat Irbid Forum

منتدى حياة إربد يرحب بكم

و يا 100 مليون مرحبا

سارع الآن وسجل معنا وتمتع بخدماتنا

* إذا لم تصل رسالة التفعيل إلى البريد الإلكتروني ستقوم الإدارة خلال 24 ساعة بتفعيل الإشتراك *

Hayat Irbid Forum

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Hayat Irbid Forum

أحلى تجمع عربي على النت

 

دخول

لقد نسيت كلمة السر

تصويت

هل تحتفل بعيد الام
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) I_vote_rcap53%ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) I_vote_lcap 53% [ 8 ]
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) I_vote_rcap47%ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) I_vote_lcap 47% [ 7 ]

مجموع عدد الأصوات : 15

المواضيع الأخيرة

» سجل حضورك اليومي ب ( لا اله الا الله )
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty25/4/2023, 2:48 am من طرف HACK

» نقدم لكم اقفال ابواب عصرية وغريبة!
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty24/9/2015, 11:53 pm من طرف HACK

» البتراء
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty19/3/2015, 7:43 pm من طرف الغــــريب

» سحر غروب الشمس في صحراء الجزائر وسحر الجزائر
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty28/6/2014, 5:49 pm من طرف الغــــريب

» الأردن اولا وستبقى اولاٌ
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty28/6/2014, 5:43 pm من طرف الغــــريب

» أجمل 30 جملة قالوها عن الحب
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty13/5/2014, 9:49 am من طرف حسين العنوز

» برنامج لتسريع التحميل 4 اضعاف
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty8/3/2014, 5:08 pm من طرف honawael1

» زد حسناتك واقرأ هذا الدعاء
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty14/1/2014, 9:07 pm من طرف PRINC

» اجمل الصفات (رووووووووووووووووووووعة لكل الاجيال)
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty14/1/2014, 9:02 pm من طرف PRINC

» هل تعلمون؟ القاء تفاحة في القمامة يعني القاء 70 ليترا من المياه!
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty14/1/2014, 8:59 pm من طرف PRINC

» أحــبـبــتـكِ عـــمــراً ,,,
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty27/11/2013, 2:01 pm من طرف عقله ابو قنوه

» عضو جديد
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty27/11/2013, 1:11 pm من طرف عقله ابو قنوه

» اسئلة للشباب والبنات فهل تتحدى نفسك للاجابة عليها ؟
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty25/6/2013, 1:02 pm من طرف HACK

» أنا عضوة جديدة هل من مرحب بي معكم
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty14/1/2013, 1:54 pm من طرف csandra

» شرطي مرور...احمققققققققق
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty4/8/2012, 9:15 pm من طرف دلع

» الشباب لما يدخلو ع الجامعة
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty28/6/2012, 4:34 am من طرف ابو سدين

» عدت بعد غياب فهل لي مكان بينكم
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty28/6/2012, 4:30 am من طرف ابو سدين

» الدمج
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty28/6/2012, 4:21 am من طرف ابو سدين

» التعارف
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty28/6/2012, 4:18 am من طرف ابو سدين

» ضع علامه ( √ ) او (×) امام العبارات التاليه معَ تصحيح الخطأ :
ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty3/4/2012, 11:40 am من طرف نور الجنة

حكومة منتدى حياة اربد

New Page 1                                                                                                      
المحامية"
                    المدير العام
                   KING 101
                 نائب المدير العام
                      LORD
               المشرف العام
                 ابوسدين
                 قيصر الاحزان
                المشرفون
             
         
           
                  
               
 
 
 
New Page 1
          مختار المنتدى
                          قريبا
             وسام العضو المتميز
                          قريبا
     وسام صاحب المواضيع المتميزه
                          قريبا
        وسام صاحب الردود المتميزه
                          قريبا
               وســام نجم المنتدى
                          قريبا

اكثر 10 اعضاء فاتحي المواضيع في المنتدى

New Page 1

New Page 1

ابراهيم الحجوج

     LORD      

 حسين العنوز    

  ابو جانتي      

PRINC    

   قيصر الاحزان   

   hani     

  RABE3    

  الاسطوره    

   وسام الحب 1986   

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

New Page 1

                                                                                                                                   

 

New Page 1
 

 قريبا  

  قريبا  

  قريبا  

  قريبا  

  قريبا  

   قريبا

   قريبا 

  قريبا  

  قريبا  

     قريبا    

وسام التميز الذهبي

  قريبا

وسام التميز الفضي

    قريبا

وسام التميز البرونزي

   قريبا

برامج مهمة لجهازك

 

 

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

.: عدد زوار المنتدى :.

Hayat Irbid Visitors

ارسال الهدايا

      New Page 1New Page 1New Page 1New Page 1
المرسل  الهدية المرسل اليه
    ا
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
     
    ا

2 مشترك

    ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1)

    souad
    souad
    15
    15


    رصيد الالماس رصيد الالماس : 1300
    انثى الثور عدد المساهمات : 1728
    احترام القوانين : ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Untitl42
    بلدك : الجزائر
    المدينة : aso
    سيارتي : bmw
    الهوايه : ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Travel10

    ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1)

    مُساهمة من طرف souad 4/10/2010, 12:42 pm



    الفصل الثالث



    التقينا إذن..

    قالت:

    - مرحباً.. آسفة، أتيت متأخرة عن موعدنا يوم..

    قلت:

    - لا تأسفي.. قد جئت متأخرة عن العمر بعمر.

    قالت:

    - كم يلزمني إذن لتغفر لي؟

    قلت:

    - ما يعادل ذلك العمر من عمر!

    وجلس الياسمين مقابلاً لي.

    يا ياسمينة تفتحت على عجل.. عطراً أقلّ حبيبتي.. عطراً أقل!

    لم أكن أعرف أنّ للذاكرة عطراً أيضاً.. هو عطر الوطن.

    مرتبكاً جلس الوطن وقال بخجل:

    - عندك كأس ماء.. يعيشك؟

    وتفجرت قسنطينة ينابيع داخلي.

    ارتوي من ذاكرتي سيدتي.. فكلّ هذا الحنين لكِ.. ودعي لي مكانا هنا مقابلاً لكِ..

    أحتسيك كما تُحتسى، على مهل، قهوة قسنطينية.

    أمام فنجان قهوة.. وزجاجة كوكا جلسنا. لم يكن لنا الظمأ نفسه.. ولكن كانت لنا الرغبة نفسها في الحديث.

    قلت معتذرة:

    - أنا لم أحضر البارحة، لأنني سمعت عمّي يتحدث لشخص على الهاتف ويتفق معه على زيارتك، ففضّلت أن أؤجّل زيارتي لك إلى اليوم حتى لا ألتقي بهما..

    أجبتك وأنا أتأملك بسعادة من يرى نجمه الهارب أخيراً أمامه:

    - خفت ألا تأتي أبداً..

    ثم أضفت:

    - أمّا الآن فيسعدني أنني انتظرتك يوماً آخر، إنّ الأشياء التي نريدها تأتي متأخرة دائماً!

    تراني قلت وقتها أكثر مما يجب قوله؟

    ساد شي من الصمت بيننا وارتباك الاعتراف الأول.. عندما قلت وكأنك تريدين كسر الصمت، أو إثارة فضولي:

    - أتدري أنني أعرف الكثير عنك؟

    قلت سعيداً ومتعجباً:

    - وماذا تعرفين مثلاً؟

    أجبت بطريقة أستاذ يريد أن يحير تلميذه:

    - أشياء كثيرة قد تكون نسيتها أنت..

    قلت لك بمسحة حزن:

    - لا أعتقد أن أكون نسيت شيئاً. مشكلتي في الواقع أنني لا أنسى!

    أجبتني بصوت بريء، وباعتراف لم أعِ ساعتها كلّ عواقبه القادمة عليّ:

    - أمّا أنا فمشكلتي أنني أنسى.. أنسى كل شيء.. تصوّر.. البارحة مثلاً نسيت بطاقة الميترو في حقيبة يدي الأخرى. ومنذ أسبوع نسيت مفتاح البيت داخل البيت، وانتظرت ساعتين قبل أن يحضر أحد ليفتح لي الباب.. إنها كارثة.

    قلت ساخرا:

    - شكراً إذن لأنك تذكرت موعدنا هذا!

    أجبت باللهجة الساخرة نفسها:

    - لم يكون موعداً.. كان احتمال موعد فقط.. لا بدّ أن تعلم أنني أكره اليقين في كلّ شيء.. أكره أن أجزم بشيء أو ألتزم به.. الأشياء الأجمل، تولد احتمالاً.. وربّما تبقى كذلك.

    سألتك:

    - لماذا جئتِ إذن.؟

    تأمّلتني.. وراحت عيناك تتسكعان في ملامح وجهي، وكأنهما تبحثان عن جواب لسؤال مفاجئ.. ثمّ قلت في نظرة مثقلة بالوعود والإغراء..

    - لأنك قد تكون يقيني المحتمل!

    ضحكت لهذه الجملة التي تحمل تناقضاً أنثوياً صارخاً_ لم أكن أعرف بعد أنه سِمَتك_ وقلت وقد ملأتني عيناك غروراً وزهواً رجالياً:

    - أمّا أنا فأكره الاحتمالات.. ولذا أجزم أنني سأكون يقينك.

    قلت بإصرار أنثى على قول الكلمة الأخيرة:

    - إنه افتراض.. محتمل كذلك!

    وضحكنا كثيراً.

    كنت سعيداً وكأنني أضحك لأول مرة منذ سنوات. كنت أتوقع لنا بدايات أخرى، وكنت قد أعددت جملاً ومواقف كثيرة لمبادرتك في هذا اللقاء الأول. ولكن اعترف أنني لم أكن أتوقع لنا بداية كهذه.

    فقد تلاشى كلّ ما أعددته ساعة قدومك.. وتبعثرت لغتي أمام لغتك التي لم أكن أدري من أين تأتين بها.

    كان في حضورك شيء من المرح والشاعرية معاً. كان هناك تلقائية وبساطة تكاد تجاور الطفولة، دون أن تلغي ذلك الحضور الأنثوي الدائم.. وكنت تملكين تلك القدرة الخارقة على مساواة عمري بعمرك، في جلسة واحدة. وكأن فتوّتك وحيويّتك قد انتقلتا إليّ عن طريق العدوى. كنت ما أزال تحت وقع تصريحاتك تلك، عندما فاجأني كلامك:

    - في الواقع.. كنت أريد أن أرى لوحاتك بتأنٍّ أكثر، لم أكن أريد أن أتقاسمها في ذلك اليوم مع ذلك الحشد من الناس.. عندما أحبّ شيئاً.. أفضل أن أنفرد به!

    كانت هذه أجمل شهادة إعجاب يمكن أن تقولها زائرة لرسّام.. وأجمل ما يمكن أن تقوليه لي أنت ذلك اليوم. وقبل أن أذهب بعيداً في فرحتي أو أشكرك أضفت:

    - ما عدا هذا.. كنت أود أن أتعرَّف عليك منذ زمن بعيد. لقد كانت جدتي تحدثني أحياناً عنك عندما تذكر أبي. يبدو أنها كانت تحبك كثيراً..

    سألتك بلهفة:

    - وكيف هي (أمّا الزهرة)؟ إنني لم أرها منذ زمان.

    قلت بمسحة حزن:

    - لقد توفيت من أربع سنوات، وبعد وفاتها انتقلت أمي لتعيش مع أخي ناصر في العاصمة. وجئت أنا إلى باريس لمتابعة دراستي. لقد غيّر موتها حياتنا بعض الشيء.. فهي التي ربَّتنا في الواقع..

    حاولت أن أنسى ذلك الخبر. كان موتها شوكة أخرى انغرست في قلبي يومها. فقد كان فيها شيء من (أمّا)، من عطرها السري، من طريقتها في تعصيب رأسها على جنب بالمحارم الحريرية، وإخفاء علبة "النفّة" الفضّيّة في صدرها الممتلئ. وكانت لها تلك الحرارة التلقائية التي تفيض بها الأمهات عندنا، تلك الكلمات التي تعطيك في جملة واحدة ما يكفيك من الحنان لعمر بأكمله.

    ولكن الوقت لم يكن للحزن. كنتِ معي أخيراً، وكان على الزمن أن يكون للفرح فقط.

    قلت لك:

    - رحمها الله.. لقد كنت أنا أيضاً أحبّها كثيراً..

    تراك أردت عندئذ، أن تضعي نهاية لموجة الحزن التي فاجأتني. خشية أن تجرفنا معاً نحو ذاكرة لم نكن مهيأين بعد لتصفحها.

    أم فقط كنت تريدين أن تطبّقي برنامج زيارتك عندما نهضت فجأة وقلت:

    - أيمكنني أن ألقي نظرة على لوحاتك؟

    وقفت لمرافقتك.

    رحت أشرح لك بعضها والمناسبات التي رسمتها فيها عندما قلت وأنت تنقلين فجأة عينيك من اللوحات إليّ:

    - أتدري أنني أحب طريقتك في الرسم؟. أنا لا أقول لك هذا مجاملة، ولكن أعتقد أنني لو كنت أرسم لرسمت هكذا مثلك.. أشعر أننا نحن الاثنين نرى الأشياء بإحساس واحد.. وقلّ ما أحسست بهذا تجاه إنتاج جزائري.

    ما الذي أربكني الأكثر لحظتها؟. أترى عيناك اللتان أصبح لهما فجأة لون آخر تحت الضوء، واللتان كانتا تتأملان فجأة ملامحي وكأنهما تتأملان لوحة أخرى لي.. أم ما قلته قبل ذلك والذي شعرت أنه تصريح عاطفي وليس انطباعاً فنياً؛ أو هكذا تمنَّيت أو خيّل لي. توقف سمعي عند كلمة "نحن الاثنين". إنها بالفرنسية تأخذ بعداً موسيقياً عاطفياً فريداً.. حتى إنها عنوان لمجلة عاطفية تصدر لمن تبقى من رومنطيقيين في فرنسا ( Nous deux) .

    أخفيت ارتباكي بسؤال ساذج:

    - وهل ترسمين؟

    قلت:

    - لا أنا أكتب.

    - وماذا تكتبين؟

    - أكتب قصصاً وروايات؟!

    - قصصاً وروايات...!

    ردّدتها وكأنني لا أصدق ما أسمع.. فقلت وكأنكِ شعرت بإهانة من مسحة العجب أو الشك في صوتي:

    - لقد صدرت لي أول رواية منذ سنتين..

    سألتك وأنا أنتقل من دهشة إلى أخرى:

    - وبأي لغة تكتبين؟

    قلت:

    - بالعربية..

    - بالعربية؟!

    استفزتك دهشتي، وربما أسأت فهمها حين قلت:

    - كان يمكن أن أكتب بالفرنسية، ولكن العربية هي لغة قلبي.. ولا يمكن أن أكتب إلا بها.. نحن نكتب باللغة التي نحسّ بها الأشياء.

    - ولكنك لا تتحدثين بغير الفرنسية..

    - إنها العادة..

    قلتها ثم واصلت تأمل اللوحات قبل أن تضيفي:

    - المهم.. اللغة التي نتحدث بها لأنفسنا وليست تلك التي نتحدث بها للآخرين!

    رحت أتأملك مدهوشاً، وأنا أحاول أن أضع شيئاً من الترتيب في أفكاري..

    أيمكن أن تجتمع كلّ هذه المصادفات، في مصادفة واحدة؟ وكلّ هذه الأشياء التي كانت قناعاتي الثابتة.. وأحلامي الوطنية الأولى، في امرأة واحدة.. وأن تكون هذه المرأة هي أنت.. ابنة سي الطاهر لا غير؟ لو تصوَّرت لقاء مدهشاً في حياتي، لما تصورت أكثر إدهاشاً من هذا. إنها أكثر من مصادفة، إنه قدر عجيب، أن تتقاطع طرقنا على هذا النحو، بعد ربع قرن.

    أعادني صوتك إلى الواقع وأنت تتوقفين عند إحدى اللوحات:

    - أنت قلّ ما ترسم وجوهاً، أليس كذلك؟

    وقبل أن أجيبك قلت:

    - اسمعي.. لن نتحدث إلى بعض إلا بالعربية.. سأغير عاداتك بعد اليوم..

    سألتني بالعربية:

    - هل ستقدر؟

    أجبتك:

    - سأقدر... لأنني سأغير أيضاً عاداتي معك..

    أجبتني عندئذ بفرح سري لامرأة اكتشفت فبما بعد أنها تحب الأوامر:

    - سأطيعك.. فأنا أحب هذه اللغة.. وأحب إصرارك. ذكِّرني فقط لو حدث ونسيت.

    قلت:

    - لن أذكرك.. لأنك لن تنسي ذلك!

    وكنت أرتكب لحظتها أجمل الحماقات. وأنا أجعل تلك اللغة التي كان لي معها أكثر من صلة عشقية، طرفاً آخر في قصّتنا المعقّدة..

    عدت لأسألك بالعربية:

    - عمّ كنت تتحدثين منذ قليل؟

    قلت:

    - كنت أعجب ألا يوجد في معرضك سوى هذه اللوحة التي تمثِّل وجهاً نسائياً.. ألا ترسم وجوهاً؟

    قلت:

    - كنت في فترة أرسم وجوهاً ثم انتقلت إلى موضوعات أخرى. في الرسم، كلما تقدم عمر الفنان وتجربته، ضاقت به المساحات الصغيرة وبحث عن طرق أخرى للتعبير.

    في الحقيقة أنا لا أرسم الوجوه التي أحبها حقاً.. أرسم فقط شيئاً يوحي بها.. طلّتها.. تماوج شعرها.. طرفاً من ثوب امرأة.. أو قطعة من حليّها. تلك التفاصيل التي تعلق في الذاكرة بعدما نفارقها. تلك التي تؤدي إليها دون أن تفضحها تماماً.. فالرسام ليس مصوراً فوتوغرافياً يطارد الواقع.. إنّ آلة تصويره توجد داخله، مخفية في مكان يجهله هو نفسه، ولهذا هو لا يرسم بعينيه، وإنما بذاكرته وخياله.. وبأشياء أخرى.

    قلت وعيناك تنظران لامرأة يطغى شقار شعرها على اللوحة ولا يترك مجالاً للون آخر سوى حمرة شفتيها غير البريئتين:

    - وهذه المرأة إذن.. لماذا رسمت لها لوحة واقعية إلى هذا الحدّ؟

    ضحكت وقلت:

    - هذه امرأة لا ترسم إلا بواقعية..

    -ولماذا أسميت لوحتها "اعتذار"؟

    - لأنني رسمتها اعتذاراً لصاحبتها..

    قلت فجأة بلهجة فرنسية وكأن غضبك أو غيرتك السرّيّة قد ألغت اتفاقنا السابق:

    - أتمنى أن يكون قد أقنعها هذا الاعتذار.. فاللوحة جميلة حقاً.

    ثم أضفت بشيء من الفضول النسائي:

    - ولكن هذا يعود إلى نوع الذنب الذي اقترفته في حقها!

    لم أكن أشعر بأيّة رغبة في أن أقصّ عليك قصة تلك اللوحة، في لقائنا الأول. كنت أخاف أن يكون لتلك القصة تأثير سلبي على علاقتنا، أو على نظرتك لي. فحاولت أن أتهرب من تعليقك الذي يستدرجني بحيلة إلى مزيد من التوضيح، وأتجاهل عنادك في الوقوف طويلاً أمام تلك اللوحة بالذات.

    ولكن.. هل يمكن أن تقاوم فضول أنثى تصرّ على معرفة شيء؟

    أجبتك:

    - لهذه اللوحة قصة طريفة شيئاً ما، تكشف عن جانب من عقدي ورواسبي القديمة، وهي هنا ربّما لهذا السبب.

    ورحت أقصّ لأول مرة قصة تلك اللوحة التي رسمتها ذات يوم، بعدما حضرت مرة، كما أفعل بين الحين والآخر، إحدى جلسات الرسم في مدرسة الفنون الجميلة، حيث يدعوني هناك بعض أصدقائي الأساتذة، كما يفعلون عادة مع بعض الرسَّامين، لألتقي بالطلبة والرسامين الهواة.

    كان الموضوع ذلك اليوم هو رسم موديل نسائي عارٍ. وبينما كان جميع الطلبة متفرغين لرسم ذلك الجسد من زواياه المختلفة، كنت أنا أفكِّر مدهوشاً في قدرة هؤلاء على رسم جسد امرأة بحياد جنسيّ، وبنظرة جمالية لا غير، وكأنهم يرسمون منظراً طبيعياً أو مزهرية على طاولة، أو تمثالاً في ساحة.

    من الواضح، أنني كنت الوحيد المرتبك في تلك الجلسة. فقد كنت أرى، لأول مرة، امرأة عارية هكذا تحت الضوء تغير أوضاعها، تعرض جسدها بتلقائية، ودون حرج أمام عشرات العيون؛ وربما في محاولة لإخفاء ارتباكي رحت أرسم أيضاً. ولكن ريشتي التي تحمل رواسب عقد رجل من جيلي، رفضت أن ترسم ذلك الجسد، خجلاً أو كبرياء لا أدري.. بل راحت ترسم شياً آخر، لم يكن في النهاية سوى وجه تلك الفتاة كما يبدو من زاويتي.. وعندما انتهت تلك الجلسة، وارتدت تلك الفتاة التي لم تكن سوى إحدى الطالبات ثيابها، وقامت بجولة كما هي العادة لترى كيف رسمها كلّ واحد، فوجئت وهي تقف أمام لوحتي، بأنني لم أرسم سوى وجهها. قالت بلهجة فيها شيء من العتاب وكأنها ترى في تلك اللوحة إهانة لأنوثتها: "أهذا كلّ ما ألهمتك إيّاه؟" فقلت مجاملاً: "لا، لقد ألهمتني كثيراً من الدهشة، ولكني أنا أنتمي لمجتمع لم يدخل الكهرباء بعد إلى دهاليز نفسه. أنت أوَّل امرأة أشاهدها عارية هكذا تحت الضوء، رغم أنني رجل يحترف الرسم.. فاعذريني. إن فرشاتي تشبهني، إنها تكره أيضاً أن تتقاسم مع الآخرين امرأة عارية.. حتى في جلسة رسم!".

    كنت تستمعين إليّ مدهوشة، وكأنك تكتشفين فيّ فجأة رجلاً آخر لم تحدثك عنه جدّتك. كان في عينيك فجأة شي جديد، نظرة غامضة ما، شيء من الإغراء المتعمّد، ربما سببه غيرة نسائية من امرأة مجهولة، سرقت في يوم ما اهتمام رجل لم يكن حتى الآن مهماً بالنسبة إليك.

    رحت أتلذّذ بذلك الموقف العجيب الذي لم أتعمده. كنت سعيداً أن تثير فيك الغيرة هذا الصمت المفاجئ، وهذه الحمرة الخفيفة التي علت وجنتيك، وجعلت عينيك تتّسعان بغضب مكبوت. فاحتفظت لنفسي ببقية القصة.. لم أخبرك أن هذه الحادثة تعود لسنتين، وأنَّ صاحبتها ليست سوى كاترين، وأنه كان عليّ فيما بعد أن أقدم لجسدها اعتذاراً آخر.. يبدو أنه كان مقنعاً لدرجة أنها لم تفارقني منذ ذلك الحين!

    أذكر اليوم بشيء من السخرية، ذلك المنعطف الذي أخذته علاقتنا فجأة بعدما حدّثتك عن تلك اللوحة.. عجيب هو عالم النساء حقاً! كنت أتوقع أن تقعي في حبي، وأنت تكتشفي تلك العلاقة السرية التي تربطك بلوحتي الأولى "حنين". لوحة في عمرك وفي هويتك. وإذا بك تتعلقين بي بسبب لوحة أخرى لامرأة أخرى، تعبر الذاكرة خطأ!

    انتهى موعدنا الأول عند الظهر.

    كان عندي إحساس ما إنني سأراك مرة أخرى.. ربما غداً. كنت أشعر أننا في بداية شيء ما، وأننا كلينا على عجل. كان هناك كثير من الأشياء التي لم نقلها بعد، بل إننا لم نقل شياً في النهاية. نحن أغرينا بعضنا فقط بحديث محتمل. كنّا، عن سذاجة أو عن ذكاء، نمارس اللعبة نفسها معاً، ولذا لم أتعجب كثيراً عندما سألتني وأنت تودّعينني:

    - هل ستكون هنا غداً صباحاًً؟

    قلت لك بسعادة من ربح الرهان:

    - طبعاً.

    قلت:

    - سأعود إذن غداً في الوقت نفسه تقريباً، سيكون لنا متَّسع أكثر للحديث. لقد مرّ الوقت بسرعة اليوم دون أن ننتبه لذلك..

    لم أعلّق على كلامك. كنت أدري أن لا مقياس للوقت سوى قلبينا. ولذا فالوقت لا يركض بنا إلا عندما يركض بنا القلب لاهثاً أيضاً من فرحة إلى أخرى، ومن دهشة إلى أخرى.. ولذا وجدت في كلامك اعترافاً بفرح مشترك سرّيّ.. توقعت أن يتكرَّر.

    أذكر أنني قلت لك يومها وأنا أودِّعك عند باب القاعة:

    - لا تنسي كتابك غداً.. أريد أن أقرأك.

    قلت متعجبة:

    - أتتقن العربية؟

    قلت:

    - طبعاً.. سترين ذلك بنفسك.

    قلتِ:

    - سأحضره إذن..

    ثم أضفت بابتسامة لا تخلو من كيدٍ نسائي محبّب:

    - مادمت تصرّ على معرفتي.. لن أحرمك من هذه المتعة!

    وانغلق الباب خلف ابتسامتك تلك، دون أن أفهم ما كنت تعنيه بالتحديد.

    ذهبت بالغموض الضبابي الذي جئت به.. نفسه. وبقيت عند عتبة ذلك الباب الزجاجي، أتأملك تندمجين بخطى المارة وتختفين مرة أخرى كنجمٍ هارب.. و أنا أتسال بشيء من الذهول.. ترانا التقينا حقاً؟!

    التقينا إذن..

    الذين قالوا "الجبال وحدها لا تلتقي".. أخطأوا.

    والذين بنوا بينها جسوراً، لتتصافح دون أن تنحني أو تتنازل عن شموخها.. لا يفهمون شيئاً في قوانين الطبيعة.

    الجبال لا تلتقي إلا في الزلازل و الهزات الأرضية الكبرى، وعندما لا تتصافح، وإنما تتحول إلى تراب واحد.

    التقينا إذن..

    وحدثت الهزة الأرضية التي لم تك متوقّعة، فقد كان أحدنا بركاناً، وكنت أنا الضحية.

    يا امرأة تحترف الحرائق. ويا جبلاً بركانياً جرف كلّ شيء في طريقه، وأحرق آخر ما تمسَّكت به.

    من أين أتيت بكل تلك الأمواج المحرقة من النار؟ وكيف لم أحذر تربتك المحمومة، كشفتيْ عاشقة غجرية.

    كيف لم أحذر بساطتك وتواضعك الكاذب، وأتذكّر درساً قديماً في الجغرافية: "الجبال البركانية لا قمم لها؛ إنها جبال في تواضع هضبة.." فهل يمكن للهضاب أن تفعل كلّ هذا؟

    كلّ الأمثلة الشعبية تحذّرنا من ذلك النهر المسالم الذي يخدعنا هدوؤه فنعبره، وإذا به يبتلعنا. وذلك العود الصغير الذي لا نحتاط له.. وإذا به يعمينا.

    أكثر من مثل يقول لن بأكثر من لهجة "يؤخذ الحذر من مأمنه". ولكن كلّ تحذيراتها لن تمنعنا من ارتكاب المزيد من الحماقات، فلا منطق للعشق خارج الحماقات والجنون. وكلما ازددنا عشقاً كبرت حماقاتنا.

    ألم يقل (برنارد شو) "تعرف أنك عاشق عندما تبدأ في التصرف ضد مصلحتك الشخصية!"

    وكانت حماقاتي الأولى، أنني تصرفت معك مثل سائح يزور صقلّية لأول مرة، فيركض نحو بركان (إتنا)، ويصلِّي ليستيقظ البركان النائم بعين واحدة من نومه، ويغرق الجزيرة ناراً، على مرأى من السواح المحملين بالآلات الفوتوغرافية.. والدهشة.

    وتشهد جثث السواح التي تحولت إلى تراب أسود أنه لا أجمل من بركان يتثاءب، ويقذف ما في جوفه من نيران وأحجار، ويبتلع المساحات الشاسعة في بضع لحظات.

    وأنّ المتفرج عليه يصاب دائماً بجاذبية مغناطيسية ما.. بشيء شبيه بشهوة اللهب، يشدّه لتلك السيول النارية، فيظل منبهراً أمامها. يحاول أن يتذكّر في ذهول كلّ ما قرأه عن قيام الساعة، وينسى بحماقة عاشق، أنه يشهد ساعتها.. قيام ساعته!

    يشهد الدمار حولي اليوم، أنني أحببتك حتى الهلاك؛ وأشتهيك.. حتى الاحتراق الأخير. وصدَّقت جاك بريل عندما قال "هناك أراض محروقة تمنحك من القمح ما لا يمنحك نيسان في أوج عطائه". وراهنت على ربيع هذا العمر القاحل. ونيسان هذه السنوات العجاف.

    يا بركاناً جرف من حولي كلّ شيء.. ألم يكن جنوناً أن أزايد على جنون السواح والعشاق، وكلّ من أحبوك قبلي.. فأنقل بيتي عند سفحك، وأضع ذاكرتي عند أقدام براكينك، وأجلس بعدها وسط الحرائق.. لأرسمك.

    ألم يكن جنوناً.. أن أرفض الاستعانة بنشرات الأرصاد الجوية، والكوارث الطبيعية، وأقنع نفسي أنني أعرف عنك أكثر مما يعرفون. نسيت وقتها أن المنطق ينتهي حيث يبدأ الحبّ، وأنّ ما أعرفه عنك لا علاقة له بالمنطق ولا بالمعرفة.

    التقت الجبال إذن.. والتقينا.

    ربع قرن من الصفحات الفارغة البيضاء التي لم تمتلئ بك.

    ربع قرن من الأيام المتشابهة التي أنفقتها في انتظارك.

    ربع قرن على أوَّل لقاء بين رجل كان أنا، وطفلة تلعب على ركبتي كانت أنت.

    ربع قرن على قبلة وضعتها على خدك الطفولي، نيابة عن والد لم يرك.

    أنا الرجل المعطوب الذي ترك في المعارك المنسيّة ذراعه، وفي المجن المغلقة قلبه..

    لم أكن أتوقع أن تكوني المعركة التي سأترك عليها جثّتي، والمدينة التي سأنفق فيها ذاكرتي.. واللوحة البيضاء التي ستستقيل أمامها فرشاتي، لتبقى عذراء.. وجبّارة مثلك. تحمل في لونها كلّ الأضداد.

    حسين العنوز
    حسين العنوز
    24
    24


    رصيد الالماس رصيد الالماس : 1
    ذكر الميزان عدد المساهمات : 8034
    احترام القوانين : ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Untitl42
    بلدك : الأردن
    المدينة : اربد
    سيارتي : kia
    الهوايه : ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Writin10

    ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1) Empty رد: ذاكرة الجسد (الفصل الثالث 1)

    مُساهمة من طرف حسين العنوز 4/10/2010, 1:05 pm

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    مشكوره سعاد واطلالتك جميله ويا ريت المزيد يا سعاد اشكر دائما

      الوقت/التاريخ الآن هو 17/5/2024, 12:29 pm